مرحلة ما قبل إبرام العقد : دراسة مقارنة (الجزء الثاني)‎ عقد التفاوض بحسن نية

الملخص AR

الأصل أن للشخص مطلق الحرية في أن يتعاقد أو لا يتعاقد، أو يتفاوض أو لا يتفاوض كما أن للشخص الحق في الانسحاب من التفاوض على أن لا يترتب على هذا الانسحاب ضرر للطرف الآخر.

لقد أصبح التفاوض عملية مكلفة في كثير من الأحيان، لهذا فإن هناك عقوداً تمهيدية قد يلجأ إليها الطرفان اللذان يرغبان في إجراء عقد ما لتسهيل عملية التفاوض.

إن عقد التفاوض بحسن نية هو من أهم هذه العقود حيث أنه يضمن جدية الطرفين في التفاوض، بالإضافة إلى أن مسؤولية قطع التفاوض تصبح مسؤولية عقدية.

و إذا كان القضاء الإنجليزي كما رأينا لم يأخذ بصحة هذا العقد بسبب عدم تجذر مبدأ حسن النية في هذا النظام أصلاً، فإن مثل هذا العقد يعتبر صحيحاً بالنسبة للتشريعات الأخرى و التي أخذت بمبدأ حسن النية، إلا أن الأمر المهم هو في تحديد مفهوم و معيار و عناصر هذا المبدأ بشكل عام و كذلك بشكل خاص فيما يتعلق بالتفاوض.

إن مبدأ حسن النية هو من أهم المبادئ القانونية على الإطلاق سواء كان ذلك على مستوى القانون العام أو على مستوى القانون الخاص، حيث إن اللجوء لهذا المبدأ قد يخفف الكثير من صرامة بعض النصوص القانونية و التي قد يؤدي التقيد بحرفية تطبيقها إلى ما يخالف روح العدالة و جوهرها.

لهذا فإننا نرى أن هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق القضاء بخصوص تطبيقات المبدأ سواء في مرحلة تنفيذ العقد أو في مرحلة المفاوضات العقدية، حيث إن الأخذ بالمبدأ و بشكل واسع قد يمنع التشريع من أن يكون تشريعاً مغلقاً بمعنى عدم استجابته لمتطلبات العدالة بخصوص وقائع قد تتطلب ذلك.

لقد رأينا أن لمبدأ حسن النية محتوى ما، و أن هناك عناصر له، و لهذا فإنه لا يمكن القول إن التزام التفاوض بحسن نية هو التزام تعتوره جهالة فاحشة تجعل من هذا الالتزام باطلاً الأمر الذي يعني أن عقد التفاوض بحسن نية هو عقد مشروع في القانون الأردني.