خطاب المقام النبوي و الروضة الشريفة في نثر لسان الدين بن الخطيب : قراءة في المكونات و الروافد الثقافية

الملخص AR

تعد رسائل الوجد و الشوق الديني إلى زيارة الأماكن المقدسة، و مخاطبة النبي صلى الله عليه و سلم طلبا للشفاعة و الغفران، و إرسالها مع الحجيج و الزائرين إلى الروضة الشريفة من الظواهر الأدبية – الدينية التي كان للأندلسيين فضل السبق على المشارقة في اختراعها، في القرن الخامس الهجري.

و قد سار الكتاب الأندلسيون بعد ذلك على هذا النهج، و وسعوا معانيها، و أضافوا إليها مما أملته عليهم ظروف مجتمعهم و أزمانهم المختلفة، حتى أضحت تقليدا شائعا حتى نهاية الوجود العربي الإسلامي في الأندلس.

و كان ممن برز في هذا الميدان لسان الدين بن الخطيب، فقد كتب رسالتين عن سلطاني غرناطة أبي الحجاج يوسف (ت 755ه / 1354م )، و ابنه الغني بالله أبي عبد الله محمد (ت 794 ه / 1391م)، فقد نحا فيهما منحى جديدا، و حملهما معاني سياسية لم تكن معهودة في هذا الضرب من الرسائل من قبل، فقد وصف فيهما أحوال بلاد الأندلس و الظروف الصعبة التي مرت بها في هذه الفترة، حيث أتخذ ابن الخطيب من ذكر مناقب الرسول الكريم و معجزاته، و التشوق إليه وسيلة لطلب النجدة و الاستشفاع به ليخلص الله الأندلسيين من المحن و المصائب التي حلت بهم، و يدفع عنهم كيد الإسبان الذين يريدون استعادة الأندلس إلى حضيرة النصرانية، و طرد المسلمين منها.

و قد استطاع ابن الخطيب بموهبته الأدبية أن يضيف إلى معاني رسائل الوجد و الشوق الديني السابقة مما أملته عليه ظروف بيئته و محيطه الحضاري و وقائع زمانه السياسية و الدينية، فقد جمع بين المعاني المستمدة من النصوص الدينية و التراث العربي المشرقي و الأندلسي، و الرؤية الذاتية للأوضاع التي يعيشها الأندلس، و صاغها بلغته و صوره و أساليبه الخاصة