أصول تراثية لنظرية الحقول الدلالية عند ابن دريد

الملخص AR

فإن اقتراء ما أنتجه علماؤنا الأفذاذ من تراث لغوي و معرفي في وقت مبكر منذ فجر عصر التأليف عند العرب و دراسته، لتبين لنا أن كثيرا من تلك الدراسات الغربية الحديثة، كان لها جذور و أصول عربية قديمة، و لست في ذلك مقللاً من جهد هؤلاء العلماء، فجهدهم لا يخفى، في التحليل و التصنيف و التنظيم و العرض و المنهج، و في الوقت ذاته يعكس تلك العقلية العربية البارعة التي فطنت لكثير من مبادئ تلك النظريات و المناهج الحديثة و أسسها.

و من جهود أولئكم العلماء ما أنتجه ابن دريد من تراث معجمي لغوي، العالم اللغوي الذي أولاه الدارسون قديما و حديثا عناية خاصة، و عدوّه من الرواد الفحول، و بحثي هذا إطلالة على جهد ابن دريد في ما يعرف بـ(معاجم المعاني)، و مقارنته مع جهود علماء الغرب فيما يعرف بـ (نظرية الحقول الدلالية).

التعريف بابن دريد و جهوده اللغوية : هو أبو بكر، محمد بن الحسن بن دريد، الأزدي العماني البصري اللغوي، و (دريد) تصغير (أدرد)، و الأدرد الذي تحاتّت أسنانه، و الأنثى درداء.

و هو من عشيرة عمانية، من ذوي اليسار، و من رؤساء أهل عُمان، نزح جد ابن دريد مع النازحين من أزد عمان خلال القرن الثاني للهجرة، و استقر مع أسرته في البصرة، و اتخاذها مركزا لإقامته، و منطلقا لأسفاره.