بذور بلاغية قديمة في منابت الأسلوبية الحديثة

الملخص AR

• تشابهت البلاغة القديمة و الأسلوبية الحديثة في مراحل نشأتها الأولى بالمنطلق اللساني لكل منهما، كما تشابهتا في توجيه جهودهما نحو تحليل النص الأدبي، و برغم الخصوصية الغائية لنشأة البلاغة العربية في تكريس نفسها لخدمة النص القرآني، التي تحولت بشكل عرضي تدريجي إلى النص الأدبي شعره و نثره بعد أن طور العلماء الدرس الإعجازي في القرآن الكريم، و هو ما يمكن الاستمرار فيه بالاستفادة من إنجازات الدرس الأسلوبي الحديث.

• التقى الدرس البلاغي القديم بالدرس الأسلوبي الحديث في تأكيد أهمية العناية باختيار عناصر الإبداع في النص الأدبي، بما يتيح المجال أمام إبراز شعرتيه على مستوى تركيب تلك العناصر.

و من خلال إنتاج الدلالات الإيجابية و السياقية الناشئة بينها.

• جرت العادة في البلاغة القديمة أن تحلل النص الأدبي انطلاقا من ظاهره و صولا إلى كوامنه الدلالية، إلا أن السكاكي أوجد نموذجا استثنائيا مخالفا لتلك العادة، في تحليل قوله تعالى : }رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا{، حين انطلق من أعماق المعنى صعودا، حتى وصل إلى الصيغة المقروءة و المرئية للآية، و هو ما اعتمد ـــ حديثا ـــ اللسانيون التوليديون في تحليلاتهم للأشكال المجازية.

• أكدت المدرستان البلاغية القديمة و الأسلوبية الحديثة ارتباط العملية الإبداعية في النص الأدبي بالمفارقات الدلالية التي أبرزها استعمالاته اللفظية و التركيبية للمواضعات اللغوية الأصلية.

كما التقت المدرستان في تقرير حقيقة أن كثيرا من عناصر شعرية العمل الأدبي و وجمالياته التشكيلية و الدلالية لا تبرز من خلال العناية بروابط أجزائه و مستوياته و انسجامها نسقيا على المستوى النصي الشامل للعمل برمته.