العراق والتراجع الأمريكي

الملخص AR

تلعب العديد من العوامل المتنوعة التي تحيط بأيّ نزاع عسكري دورًا كبيرًا في تحديد مصير المعركة لما « بعد الحرب » ، والتي لم تأخذ الإدارة الأمريكية بأيّ منها في التخطيط لمرحلة ما بعد احتلال العراق عسكريًّا بالقوّة المدمّرة .

ورغم أن الولايات المتّحدة الأمريكيّة أُعطيت في المجالات الثلاثة : العسكريّة ، والاقتصاديّة ، والقوّة الناعمة ما لم تُعط دولة أخرى على الإطلاق ، فقد فشلت في العراق ؛ لأنها اعتمدت على القوة وحدها ، إضافة إلى غياب التصوّر والتخطيط الاستراتيجي الواضح لمرحلة ما بعد صدام ، واتخاذ سلسلة من القرارات الخاطئة ؛ كقانون اجتثاث البعث ، وقانون حل الجيش العراقي ، بجانب الفشل في الوصول إلى إعادة الخدمات الأساسية ، وسقوط الولايات المتحدة في سجل حقوق الإنسان سقوطًا ذريعًا .

كما لعبت المقاومة العراقية دورًا مهمًّا في إفشال المخطط الأمريكي بعدما نجحت في استغلال نقاط الضعف الأمريكية بشكل ممتاز ؛ إذ لا تزال واشنطن تقاتل عدوًّا في العراق لا تعرف الكثير عنه ، في الوقت الذي تتمتع فيه جماعات المقاومة بالثقة بالنفس ، والتنظيم المركزيّ القوي ، مع اعتمادها على الحرب النفسية ، وزيادة وعيها بدور الرأي العام .

بجانب ذلك اتبعت المقاومة أساليب متطورة غير تقليدية في محاربة الأمريكيين ؛ لدرجة دفعت العديد من الخبراء في وزارة الدفاع الأمريكية إلى القول : إنّه « عندما تنتهي الحرب في العراق ستدرس وزارات الدفاع وحركات المقاومة في العالم تجربة المقاومة العراقية » .

لقد ظهرت معالم الانكسار الأمريكي في العراق واضحة ، مع تصاعد حدة الاستنزاف العسكري ، والبشري والاقتصادي ، والخسائر الفادحة التي مُنيت بها الولايات المتّحدة على هذه الأصعدة .

وتزامنًا مع التراجع الأمريكي الواضح في العراق وانعكاساته على العراق والمنطقة ومستقبل الهيمنة الأمريكية ، تعمل الأوساط الأمريكية حاليًا على دراسة واختبار أربعة سيناريوهات رئيسة ، تسعى من خلالها إلى الهروب من المستنقع العراقي ، وهي : تقسيم العراق عمليًّا ، أو الانسحاب والتمركز على تخوم العراق ، أو الانقلاب العسكري ، أو تعديل المحاصصة الطائفية والقومية العراقية .