ضبط كتابة الحديث و إصلاحها

الملخص AR

يظهرُ لنَا جَليَّاً مدَىَ اهْتَمام أئمَّة الحديثِ بضَبْطِ كتَابَتهم لمرويَّاتهم و إصلاحهَا، و أنَّهم سَاروا عَلَى أُصُول علميَّةٍ دَقيقةٍ رسَمُوها وفق قَواعدَ وَ مُصْطَلحاتٍ و ترتيباتٍ؛ تَحقيقاً لِهَدَفِ: الحفَاظِ عَلَى الرِّوايةِ كمَا وقعتْ، أمانةً في الأداءِ و إبراءً للذِّمَّة.

و يُعتبرُ مَعْرِفةُ طَرائقِ الأئمَّةِ فِي ضَبْطِ الكتَابَةِ للمرويَّات و إصْلاَحهَا، ضَرورةً للبَاحثِ وَ الْمُطَالِعِ فِي مَخْطُوطَاتِ الْحَديثِ خَاصَّة و التُّراث الإسلامي عامَّة؛ كَي يُدركَ مَعْنَاهَا وَ يَفْهَم مُرَادَهَا، و َيَقف عَلى مَا يُعتَمَدُ منْهَا و َ مَا لاَ يُعْتَمَد.

و مما اعتَنى به الأئمَّة في ضبطِ كتَابةِ الحديث، ضبطُ مُهْمَلهِ ،و كذلك ضَبطُ المُشكلِ.

و مِن الضبطِ المستخدَمِ لدى الأئمَّةِ في كتَابة الحديثِ، اسْتِعمال الدَّارة بين الحديثين، فَصْلاً بينهما و تمييزاً عَنْ بَعضهما ضَماناً مِنْ عَدَمِ التَّداخل، المقابلةُ و المعارضةُ أَصْلٌ عِنَدَ أهْلِ الْحَديثِ؛ لِضَمَانَةِ ضَبْطِ الرِّواية، وَ مِنْهُم مَنْ أَوْجبَهَا، فَإذَا عُورضَ الحديث و قوبلَ نُقطَ في الدَّارةِ الَّتي تليه نُقْطة أو خطَّ وسطهَا خَطَّاً ليُعْلَم أنَّه عَارضهُ و قابلَهُ.

و أما مَا يَقَعُ فِي مَرْويَّاتهم مِنْ أخْطَاء كَسَقْطٍ أو غلط أو نحوهما، فَظَهرَ صوابه عنْدَ المقَابَلَةِ أو المعَارضة، فكانت لهم طَرائق واصطلاحات لِتَصْحيحهِ و تَصْويبهِ : كاللحَق ، و الحوَاشِي ، و التَّصْحيح ، و التَّضْبيب ، و الحَك أو الكَشْط ، و المحو ، و الضَّرْب ، و غير ذلك من القَوَاعد و الاصطلاحات و الرسُوم التي و ضَعُوها للحفاظِ على الروَاية و ضَبْطها.