الحكمة و التعليل بها عند الأصوليين

الملخص AR

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، و أصلي و أسلم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، و على آله و صحبه أجمعين.

أما بعد : فقد افتضت حكمة اله تعالى أن يركز في فطرة البشر قابلية التفكير و التدبر.

و من جوانب هذه القابيلة إدراك العلاقة بين المؤثرات و أسبابها، و بين الأمور و عللها و الإحساس بالتشابه و الاختلاف بالتماثل و التنافر، و تفهم الربط بين الذوات و الصفات, و الإدراك الفطري لما يضر و ينفع سواء كانت هذه مادية أو غير مادية.

و لهذا شاءت قدرة الحكيم أن لا يجعل شرعه بعيدا عما فطره في عقول البشر من اكتشاف العلاقات بين الأشياء و أسبابها، أو التشابه بين الأمور و نظائرها لتقوم الحجة على العقل و النص، و ليتمكن العقل من إدراك حكمة النص و المقايسة عليه بعد بذل الجهد ضمن ما يشرعه الله.

إذن لا بد من التأمل و النظر في علل الأحكام, فقد تكون العلة مما أخبرنا الشارع به، أو قد نكون مما تدركه عقولنا في الاجتهاد، و ربما تخفي بعض العلل ما استأثر الشارع بها، لتحقيق العبودية و الطاعة الكاملة لله من دونما حظ العقل المحدود فيها، و لكي تبدو عبودية الإنسان كاملة لله تعالى يبني عليها الثواب و العقاب.

و في بعض النصوص تكون العلةغير متعدية، فيعمد بعض الأصوليين إلى التعليل بمآلات الأفعال و مقاصدها و ما يترتب عليها من مصالح و مفاسد و هو ما يعرف (بالحكمة).

و علي أن أذكر اول من لفت انتباهي إلى هذا الموضوع هو أستاذي د.

محمد فاضل السامرئي عند دراستنا للقياس في الدكتوراه, و لكن رياح البحث (الدكتوراه) أخذتني شطر (دراسة أصولية في سورة النساء) لكن الوقوف على هذا الموضوع ظل يلازمني، فكان باكورة أبحاثي بعد الدكتوراه.

و قد جعلت البحث في مقدمة و أربعة مباحث و خاتمة.