التركيب الاجتماعي و الاقتصادي للمجتمع في المملكة المتوكلية اليمنية عشية ثورة 26 سبتمبر 1962 م

الملخص AR

يتناول البحث التركيب الاجتماعي و الاقتصادي للمجتمع في المملكة المتوكلية اليمنية قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م منطلقا من أن تركيبة المجتمع لعبت دورا أساسيا في قيام ثورة 26 سبتمبر حيث أن الهوة القائمة بين الحكام و المحكومين مثلت ركيزة أساسية في التناقض القائم داخل المجتمع بين أقلية حاكمة تملك السلطة و الثروة و أغلبية محكومة لا تملك سوى البؤس و الفقر و الجهل و التخلف و من هذا المنطلق يناقش البحث التركيب الاجتماعي و الاقتصادي للمجتمع و دوره و علاقته في قيام الثورة.

يتناول البحث الجوانب الاقتصادية حيث يعطي المسألة الزراعية و التي كانت أساس الاقتصاد في المملكة و التي كان الإمام شغل موقعا أساسيا من حيث الملكية و الاستغلال و اضطهاد الفلاحين حيث ملك هو و عائلته ما يقارب 25 % من الأراضي الصالحة للزراعة و يليه كبار الإقطاعيون و الذين كانت في حوزتهم ملكيات تقارب من ملكية الإمام و عائلته.

كما يتناول البحث بقية الفئات الاجتماعية و موقعها في العملية الإنتاجية من حيث الملكية و كذا علاقتها بالفلاحين و خاصة متوسط الملاك و الفلاحين الذين يعملون في أراضي الإمام و كبار الملاك.

البحث يناقش مسألة اقتصادية أخرى تمثلت في البرجوازية الكبيرة حيث يشير الباحث إلى هذه الفئة لم ترتبط بالإنتاج الفعلي و إنما اشتغلت بالتجارة خاصة في المدن و بين البحث مدى ارتباطها بالإمام و عائلته و استفادتها من تلك العلاقة في الحصول غلى المزيد من الربح و الثراء و امتلاكها للعقارات.

البحث يشير أيضا إلى موقع البرجوازية المتوسطة و التي لم تكن تحصل إلا على ما يسد رمقها حيث واجهتها جملة من الصعوبات من التملك و التبعية إلى جانب الرشوة التي كانت تفرض عليها من قبل موظفي الإمام و الضرائب المرتفعة و لهذا دخلت في تناقض مع الإمامة.

و يتطرق البحث أيضا انعدام البرجوازية المتوسطة و الصغيرة في هامش المجتمع و التي عانت الكثير من الاضطهاد و الحرمان بحيث مثلت شريحة واسعة في حركة المعرضة للإمام.

و يناقش البحث أيضا مسألة العمال و عدم وجود صناعة فعلية و اقتصاد عملها في بعض المشروعات مثل طريق أو في معامل دباغة الجلود و تقشير البن لهذا لم تكن لها دورا رئيسيا في المجتمع و تم دخولها في تناقض مع الحكم الإمامي و تركز و جودها في مصنع الغزل و مشروع تطوير ميناء الحديدة في أواخر عهد الحكم الإمامي، إلا أن طبيعة الحكم و تخلفه و كذا القوانين الجائرة التي كانت سائدة لم تمكن العمال من أن ينظموا نشاطهم نتيجة لعدم و جود نقابات.

و هكذا نجد بأن كل من الفلاحين المتوسطين و صغار الفلاحين و الفئات المثقفة و الموظفين و العمال كانت في ذيل التركيب الاجتماعي و كانت عبارة عن فئات مستغلة و مضطهدة من قبل السلطة و العناصر المقربة إليها و لهذا دخلت في تناقض مع الحكم الإمامي و مثلت قوى اجتماعية ارتكزت عليها العناصر المعارضة للمحك الإمامي من المتنورين و المثقفين.

و لعب التركيب القبلي دورا أساسيا في معارضة الحكم الإمامي الذي فرض على كل القبائل اليمنية شتى أنواع الاضطهاد و التعسف و الحرمان و كان نظام الرهائن هو الذي يمثل العلاقات السائدة بين الإمام و مختلف القبائل اليمنية و لهذا كانت القبائل اليمنية و خاصة حاشد و بكيل من أهم عناصر المعارضة للحكم الإمامي و أسهمت بفعالية في قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.

إن ذلك التركيب الاقتصادي الاجتماعي المتخلف و عوامل الاضطهاد و التعسف و الضرائب الباهظة و استغلال موظفي الدولة لوظائفهم في الحصول على الرشوة و الامتيازات كل ذلك لعب دورا كبيرا في زيادة حدة التناقض بين الإمامة و قوى الشعب و عزز ممن موقع حركة المعارضة و من قاد إلى قيام الثورة.