المعوذتان : دراسة أسلوبية

الملخص AR

ينتمي هذا البحث إلى حقل الدراسات الأسلوبية التطبيقية، و يهدف إلى الكشف عن إعجاز النص القرآني بالولوج إلى أعماقه بتحليل لغته بمستوياتها المختلفة الصوتية و الصرفية و التركيبية، كل حسب ما يفرضه النص مناط الدرس، و يحاول البحث أن يكشف عن القيمة الدلالية المتحصلة من بنى النص المختلفة، و يتخذ من المعوذتين مادة للدرس و التحليل.

و الأسلوبية و إن كانت تشكلت في صورتها النهائية في القرن العشرين إلا أننا نجد لها جذورا عرفها العرب القدماء من : بلاغيين، و مفسرين، و لغويين، فقد نظر بعضهم بإبداع و دقة للنظرية الدلالية، و حللوا أمثلة لها، أمثال : عبد القاهر الجرجاني، و الباقلاني، و السجلماسي، و القرطاجني، وغيرهم.

و يلحظ أن المفسرين طبقوا جانبا ليس بالقليل من التحليل الأسلوبي، و عرفوا جزءا من تقنياته قبل أن يعرفه الغربيون، بيد أنهم لم يكونوا معنيين بالتنظير قدر عنايتهم بالتطبيق ؛ إذ هدفهم الكشف عن القيم الدلالية للنص القرآني، أليفة و غريبة، محكمة و متشابهة، فيجتهدون في تأويله وفق قواعد علمية موضوعية صارمة، تحكمها عدة ضوابط : أصولية و شرعية و لغوية و سياقية.

فالمفسر يعتمد في تأويله على معرفته بأصول الدين و الشريعة، وكذلك معرفته باللغة العربية و نواميسها و إيحاءاتها و دلالاتها، ومعرفته بمناسبة كل آية وسبب نزولها، و معرفته المتكاملة للنص القرآني، و قدرته على ربط الشبيه بشبيهه، و النظير بنظيره، و موجزه بمفصله، في ربط يرقى في مواطن كثيرة إلى مستوى الأسلوبية المقارنة.

فهم يمثلون القارئ النموذجي في أفضل صوره، فهم شريحة من المتخصصين في دراسة النص القرآني ينتمون إلى مدارس فكرية مذهبية متنوعة، كما أنهم يمثلون سلسلة تطورية زمنية متتابعة لامتدادهم من زمن النبوة إلى العصر الحديث، فيؤمن بهم مزلق الوقوع في التأويل الخاطئ للألفاظ المترتب على بعد الشقة الزمنية نتيجة التطور الدلالي للفظة عما كانت تدل عليه زمن التنزيل، و هم يتفقون في نقاط، و يتفاوتون في أخر، تفاوتهم في الذكاء، و العلم، و الثقافة، و الدقة، و الموهبة، و الدربة، و العمق، و الفتح الإلهي.