أثر الثقافة الفلسفية في التشكيل الصوري في شعر أبي تمام

الملخص AR

إن مفهوم ثقافة الشاعر لا يقتصر على تزويد النص الإبداعي بالمعلومات الثقافية فحسب إنما من خلال التحكم بالنتاج الإبداعي، و قد انماز أبو تمام من بين معاصريه بمخزون ثقافي واسع الأطراف متعدد الروافد، فقد أتخذ أبو تمام مسلكا ثقافيا حديثا متمثلا بثقافة العصر العباسي -لا سيما الفلسفية- مسلكا مكنه من بناء شاعريته على أسس ثقافية رصينة استطاع من خلال التحكم في صنعته الشعرية تحكما عقليا تأمليا أعطى لنصه روح التجدد و تعدد فنون القراءة ما ضمن له البقاء على مر العصور، فقد رفد أبو تمام نتاجه الشعري بلمسات من الفلسفة و المنطق و القدرة على الجدل و المحاورة و التحليل و الاستدلال. ففضلا عن تضمين أبي تمام لألفاظ الثقافة الفلسفية في شعره، كان لثقافته الفلسفية أثر في صوره الفنية، فالصورة عند أبي تمام نتاج التزاوج بين الشعر و العقل الذي صقلته الثقافة الفلسفية، فجاءت أغلب صوره مستخلصة من فكره و ملاحظاته، إذ استطاع أبو تمام أن يزاوج بين الأساليب البلاغية و التصورات الفلسفية و التأملات الفكرية العميقة، ذلك أن الاطلاع على الثقافة الفلسفية يساعد على تفتح الذهن إلى ضروب من التفكير و اكتساب القدرة على التعمق.

و لعل من أبرز مظاهر ذلك التأثر الفلسفي في صور أبي تمام ما نجده في الثنائيات الضدية التي أخذ أبو تمام ينثرها في شعره محاولة منه لإيهام المتلقي فضلا عن المقايسات الفلسفية و ما لجأ إليه من أساليب التجريد المعنوي و غيرها من المظاهر، فهو ما يزل يلون شعره بحلية عقلية قائمة على الجدل و المحاجة.