نحو دور جديد للمرأة المسلمة في الاستراتيجيات الدعوية

الملخص AR

لم تتجه الآيات و الأحاديث التي وردت في وجوب الدعوة إلى الله تعالى و مشروعيتها للرجال دون النساء، بل جاءت في سياق العموم من غير تفريق، مثل قوله تعالى : قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿ يوسف : ١٠٨﴾، و قوله سبحانه : ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَ جَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿النحل : ١٢٥﴾، و قوله جل و علا : وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (ال عمران : 104).

و يفهم من ذلك الشراكة بينهما في هذا العمل الذي أوجبه الله على المؤمنين كافة، رجالا و نساء، و قد بينه تعالى في وصفه للمؤمنين و المؤمنات بقوله : وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَي ُطِيعُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿التوبة : 71﴾ و لقد خاطب الله عز وجل المرأة بما خاطب به الرجل، إلا أنه تعالى خصها بتكاليف دونه تتوازى في الفضل و الآجر، و يدخل في ذلك الدعوة إلى الله بمفهوم التبليغ و الاحتساب على ذلك ؛ لأن المرأة قادرة على تعلم العلم و تعليمه، و تبليغه بالوسائل المتعددة، دون أن نحمل نفسها ما لا طاقة لها به، خاصة مع انتشار التعليم النظامي، و توفر وسائل التقنية الحديثة، و خروج النساء من بيوتهن حتى صار ذلك عرفا، فاحتاجت المرأة إلى خطاب أختها و نصحها، و إصلاحها بكل وسائل الإصلاح، و احتاج الناس مع الاتساع في خروج النساء-حتى صار أصلا-إلى دعوة مكثفة و منظمة، للتبصير بأمور الدين، خاصة مع كثرة الشبهات و الشهوات.

لذا فقد باتت الحاجة ملحة الآن إلى وضع استراتيجية متكاملة شاملة للعمل الدعوي النسائي في العالم الإسلامي، نحافظ على المكتسبات، و تدرس المستقبل.

و لا ينبغي للحركات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة أن تغفل دور المرأة عند رسم خرائط الاستراتيجيات الدعوية بهدف إحداث نقلة نوعية في العمل المؤسسي النسائي، و التي تؤكد بشائرها بأنها ستؤدي ثمارها خلال السنوات القليلة القادمة-بإذن الله تعالى-بشرط دعمها و تقويتها و رعايتها.