تشظيات القلق في شعر السياب : شناشيل ابنة الجلبي اختيارا

الملخص AR

يتخذ القلق مسميات متعددة منها الحزن و الألم و الخوف، و ما دام السياب واحدا من الذين يحترقون حبا و غيرة لوطنهم فقد ظهر القلق مهيمنا كبيرا في شعوه و من يتصفح دواوين السياب على عجالة يكشف، عن التداعيات فهي دواوين قائمة على صراع مع الحياة و بكائية لا تنتهي، و قد اخترنا شناشيل ابنة الجلبي نموذجا لأنه أكثر الدواوين احترافا بالقلق قل أن القلق كان يحتل حصة الأسد في شعره و هو يبدأ المشوار، و قد تنوعت رؤى القلق عند الشاعر توصلنا في دراستنا للآتي : القلق من الطبيعة، كانت الريح مخيفة للسياب متوجسا منها حتى في ساعة الأرق و اللجوء إلى النوم، و قصيدة الباب تفرعه الرياح تحدث عن توجساته : ثم—القلق من النساء، إن المنتظرة الغائبة ابنة الجلبي تظهر جلية في شعره-و القلق من الوحدة يصنع وحدة غريبة أقصى وحدة المعري رهين المحبسين أنها وحدة قلقة تبعث الأسى فحتى الباب الذي أقلقه فهو اقوى منه يخشى صوته و انسداده و الحديث ينقله على لسان أمه الدفينة و القلق من الزمن أقولها جازما أن السياب قد استسلم استسلاما نهائيا لقسوة الزمن و تداعياته المنتاقضة و لم تنفعه دفقات الأمل و المرض قد أخذ مأخذته منه حتى بات الزمن عدوه الذي يقف أمامه متربصا بالموت و القلق من الفناء و الرحيل انظر لهذا الشاعر الذي بلغ الغاية إلا حدود الكمال في موهبة رائدة و ما سقط القلم من يده حتى أسقط الموت كل شيء فيه سوى الروح و القلق من العيش و نكد الحياة.

لو اختصرنا المسافات بوعي جماعي كيف نفسر توحده في وصف الفلاحين المهاجرين من القرى : و القلق من الصدى إن الشاعر على موعد مع العدم و لكنه ثقيل عليه يقلقه و بعد لما يكل قولته الشعرية التي يطمح إليها فكأنه يجد حياته مماتا و مماته حياة.

يصنع وحدة غريبة أقصى من وحدة المعري رهين المحبسين أنها وحدة قلقة نبعث الأسى و الضياع و الحيرة فحتى الباب الذي أقلقه فهو أقوى منه يخشى صوته و انسداده و الحديث ينقله على لسان أمه الدفينة و قد : يصنع وحدة غريبة أقصى من وحدة المعري رهين المحبسين أنها وحدة قلقة يعث الأسى و هو يتجذر إلى الداخل بل يتفرع إلى الخارج : و تنتهي رحلة الشناشيل بسبع عشرة قصيدة فائحة بالشلل والقلق و لو أسماها (إلى متى القلق) لكان مصيبا و هو يتوحد بعد ضياع الحلم مع ذاته متماهيا لمرضه الأيوبي المزمن و عكازة و وحدته و خيبته و قد أعطانا شعرا رائعا من قلق مستديم وربما ينتج بحثي خالصة مفادها أن السياب يبني سفينة ليركب كل الناس فيها إلا الشناشيل فقد باتت منفردة بذاته و مرضه و صمته و عجزه و في مسك الختام أترك لعشاق السياب قولته في تداعيات القلق القادمة فما زال شعر السياب أرضا خصبة.