مفهوم الأمانة في التراث الأدبي للإمام علي (عليه السلام)‎ : دراسة تحليلية

الملخص AR

يتناول مشروع البحث في تمهيده مصطلح الأمانة في المعجم اللغوي، و المأثور الديني و الأدبي و الفكر الصوفي الإسلامي، ثم يتوقف عند مفهومها في أدب الإمام علي و كيفية حده لها.

و يتعرض في المبحث الأول إلى بواعث حضورها في نتاجه الأدبي (نهج البلاغة) مع استقراء لمضامينها و توجيهاتها، إذ توزعت في نصوصه الإبداعية على، أمانة أداء حقوق الله على العباد بالفرائض، و أمانة أداء حقوق العباد للعباد بالعلاقات الإنسانية السوية، و أمانة أداء حقوق النفس إكراما و انتصارا لها بالتقوى و الورع.

و يختص المبحث الثاني بالدراسة التحليلية متناولا البنية الفنية التي تأطرت في أشكال متعددة هي (العهد و الرسالة و الخطبة و الوصية)، باحثا في الأساليب و التراكيب و الصيغ التي تحقق فيها هذا الحضور الفاعل لمفردة الأمانة و قد وجد البحث أن (الأمانة) على ثقلها كانت صنوا لشخصية الإمام و خليقة جبل عليها وافقت السمة الأخرى الأبرز في شخصيته و هي (الشجاعة) فالأمانة و الصدق ينبعان منها إذ ما (استطاع أحد قط أن يحصي عليه كلمة خالف فيها الحق الصراح في سلمه و حربه و بين صحبه أو بين أعدائه).

و قد جاهد كي يوصل أثرها للإنسانية في عصره و بعده قولا و فعلا و بما يمثل ذلك : إما إدانة فعلية للمخاطب لتركه الأمانة و خيانته العهد، و الهدف هو التغيير و التأثير فيه و في واقعه الاجتماعي أو وعظا قصديا لمفهوم ديني أخلاقي.

و لقد كان يستند إلى ملكة الخيال في تكوين الصور الحسية و الذهنية و إلى ملكة الإقناع بالأدلة و البراهين موثقا بالآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة بما يمثل تماسك النص و قوته ليكون أبلغ في التوكيد و الحجاج.

و تراوحت تبعا لهذا (الطرائق الفنية) في الأداء فمن تكثيف و إيجاز مقصود إلى عرض و سرد حكائي فيه استرجاع للحدث بتكرار صيغة الماضي، و من تعبير استعاري تشخيصي و كنائي تلميحي إلى آخر يعتمد ثنائية التناقض في إشارة بهذا التعارض اللفظي إلى تعارض النفسيات و المواقف، و من إيقاع هادئ بتقرير و ثبات حكمة إلى إيقاع عال بخطاب فيه تقريع و بتكيت و هي جميعا تفضي إلى مستوى من مستويات المسؤولية إزاء النفس و الآخرين باتباع و عدم إهدار حقوق الغير بذوق فني يتلقي بسيرته التقاء الفكر بالخيال و العاطفة.