القدس في المصادر الجغرافية العربية في العصر العباسي

الملخص AR

شكلت مدینة القدس أو بیت المقدس كما یسمیها الجغرافيين العرب، إحدى أهم المدن في بلاد الشام، لموقعها الديني و الاقتصادي، فهي قلب بلاد الشام، و هي المدینة المقدسة للديانات السماوية الثلاث، ففیها ولد السید المسیح (عليه الصلاة و السلام)، و إليها أسري برسول الله محمد (صلى الله عليه و سلم) و عرج به منها إلى السماء، و هي أولى القبلتین و ثالث الحرمين الشريفين، بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، و المسجد النبوي الشريف في المدینة المنورة.

و كانت هذه المدینة محط أنظار الكثيرين، لأنها تقع في نهاية قارة أسیا و بدایة قارة أفریقیا، فضلاً عن وقوعها قرب مسطحین مائیین كبیرین هما البحر المتوسط و البحر الأحمر، علاوة على قربها من حضارتین عریقتین هما حضارة وادي الرافدين و حضارة وادي النیل، و هي بهذا تتمیز على غیرها من الأماكن و المدن الأخرى، و كان لموقعها الديني، منذ وطئها إبراهيم الخليل (عليه السلام)، محط اعتزاز الديانات الثلاث، فكان الله سبحانه و تعالى أرد لهذه المدینة و أمثالها من المدن المقدسة، التي تحمل ولادة نبي أو رسول، مكانة متميزة، و كان الكل یطمع بها لتكون مقرا له على مر التاريخ، و مركزا لدولته حتى شرفها الله سبحانه و تعالى، ليحررها العرب المسلمين .و كان فتح هذه المدینة حدثا مهما سجلته كتب التاريخ الإسلامي و كتب الرحلات و الجغرافية، و من هنا جاءت هذه الأهمية في تناولها من قبل هؤلاء في مدوناتهم الجغرافية على وجه الخصوص في العصر العباسي.

و مما یدلل على أهمية هذه المدینة هو حضور الخليفة عمر بن الخطاب لتوقيع اتفاقية تسلم و استلام بیت المقدس، من قبل أكبر شخصية إسلامية في ذلك الوقت الخطاب، و رئیس أعظم دولة، یعنى مدى أهمية هذه المدینة في نظر العالم كافة، ففي كل الفتوحات و المعارك، التي جرت في طول العالم و عرضه منذ ذلك الوقت وإلى یومنا هذا، لم یتطلب حضور الخلیفة أو رئیس الدولة، لتسلم مفاتح مدینة ما من المدن في العالم أجمع، لكن و لم یتعنت القادة، فتح بیت المقدس، اقتضى حضور الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، و لم يتعنت القادة المسلمون، عندما طلب منهم بطریارك القدس ضرورة حضور الخليفة، و ليدخلوا مدینة ببت المقدس عنوة، كما یفعل قادة الجيوش في العالم الیوم، أو من قبل، بل أرسلوا إلى الخليفة و طلبوا منه الحضور، لتسلم ببت المقدس .عن بعد نظر و تكريم لهذه المدینة عندما كما دلت أفعال الخليفة عمر بن الخطاب حضرته الصلاة، فصلى خارج القدس، احترراما لمشاعر سكانها، و استباقا لما قد تنجم عنه هذه الصلاة من إثبات حق للمسلمين في كنیسة القیامة التي وقع فیها الصلح مستقبلا، كل هذه الملاحظات تدعونا إلى التفكر في مدى احتراما المسلمين لهذه المدینة، لا كما یفعل الصهاينة الیوم فیها، حیث لا یراعون حرمة لأحد، أو احتراما مشاعر دین بعينه، أو أمة، أو أي شيء مما یحترم في العالم أجمع .