وصية النبي محمد (صلى الله علية و سلم)‎ و نصحه لعبد الله بن عباس (رضي الله عنهما)‎ : دراسة تحليلية

الملخص AR

الحمد لله الذي بعث الرسل بالنصح لأممهم حتى ختمهم (صلوات الله عليهم) بسيد المرسلين و الآخرين محمد (صلى الله عليه و سلم).

أشار الله تعالى إلى النصيحة بقوله عن نبيه نوح (عليه السلام) : ((أبلغكم رسالات ربي و أنصح لكم و أعلم من الله ما لا تعلمون)) و قوله : ((يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا و اغفر لنا إنك على كل شيء قدير)).

و اهتم الرسول (صلى الله عليه و سلم) بالنصيحة و يتضح ذلك من الرواية التي رواها تميم الداري : قائلا : أن النبي (صلى الله عليه و سلم)، قال : ((الدين النصيحة قلنا : لمن ؟ قال : لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم)).

و بهذا الحديث جعل النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) النصيحة دينا و جعلها من حقوق المسلمين فيما بينهم، و بايع بعض الصحابة النبي (صلى الله عليه و سلم) على النصح لكل مسلم، و بهذا تكون النصيحة لله باتباع أمره و نصرة دينه و التسليم له في حكمه، و النصيحة لرسول الله (صلى الله عليه و سلم) باتباع سنته و إكرام قرابته و الشفقة على أمته.

و لهذا قال الرسول (صلى الله عليه و سلم) : ((ترى المؤمنين في تراحمهم و توادهم و تعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى)).أدرك النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) الذي لا ينطق عن الهوى أن الشباب بحاجة إلى نصح و توجيه لهذا قدم النصيحة لابن عمه عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) و هو بهذه النصيحة رسم منهجا واضحا لأبناء الامة الإسلامية لتنشئة جيل على رسوخ العقيدة و الإيمان و صدق التعلق بالله وحده و التوكل عليه.

و هو بهذه النصيحة قدم منهجا تربويا و اجتماعيا، لإدراكه خطورة انحراف أبناء الأمة مستقبلا فأصبحت هذه النصيحة الموجهة لعبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) فما بعد نصحا لأبناء الامة، و خاصة في وقتنا هذا ليكونوا سليمين و قويمين تجاه دينهم و إرادتهم و عقلهم و ليس تجاه شهواتهم.