ظاهرة الفساد الإداري و أثرها على الأجهزة الأمنية

الملخص AR

إن الفساد الإداري يمثل واحدا من التهديدات الرئيسة ضد التنمية و الإنصاف و العدالة و الاستقرار الاجتماعي و الإنجاز للأجهزة الإدارية الذي ينشده أفراد المجتمع، فهو يلوث الخدمة العامة و يقلل الاستثمارات، و يميز الأغنياء على الفقراء، و يضعف ثقة المجتمع بالحكومة، و مع الاعتراف بأنه مسألة في الأساس أخلاقية فإنه أيضا مشكلة سياسات و اتخاذ قرارات إدارية.

حاول الباحث التركيز على حقيقة ظاهرة الفساد الإداري التي أصبحت تهدد الأجهزة الإدارية في الدول المتقدمة و النامية على حد سواء ؛ لكي يبرز أسباب الظاهرة و كيفية إيجاد الخلاص أو الحد من حدة الآفة، أو تغييرا في السلوك الإنساني العام و السلوك الإداري بشكل خاص و مدى تأثيره على الأداء في الأجهزة الإدارية العامة.

يهدف البحث إلى التعرف على أهم الخصائص التي تميز الفساد الإداري، و تحليل أسباب انتشاره، و معرفة مدى تأثير الفساد الإداري على أداء الأجهزة العامة، و أخيرا معرفة الوسائل التبعة في رفع الوعي العام السلوكي و الوظيفي و الاجتماعي.

و تأتي أهمية هذه الدراسة-التي تناولت هذا الموضوع و التي تكاد تكون مختلفة أو نادرة عن غيرها من الدراسات السابقة-لكونها سوف تناقش كيف أن هذه الظاهرة أصبحت تسمع و ترى بالعين المجردة، و كثر الحديث عنها في هذه الآونة الأخيرة و بدأ الشخص العادي يدركها قبل المفكر أو الملاحظ أو المهتم.

و تأتي الأهمية أيضا حرصا من المسؤولية الملقاة على عاتق الأكاديميين بالدراسة و التمحيص و التدقيق و الكشف عن الأسباب و من الاستنباطات المقنعة لهذه الظاهرة و رفع المقترحات و التوصيات لكي يستفيد منها القادة الإداريون النبلاء في استقطاع جذور هذا الخطر من جسد الإدارة أو الأجهزة الإدارية.

و من الاستنباطات التي توصل إليها الباحث بقناعة تامة أن هناك صعوبة في محاربة الفساد أو التصدي له باعتباره أمرا واقعا و ظاهرة طبيعية تصاحب النمو و التطور و التغيير في الدول النامية و في اعتقادنا هذا هو الأخطر لكونه سوف يستشري و يفتك بأعضاء المجتمع و روابطه و أجهزته و خدماته، و ما تحتاج إليه الدول هو إنشاء أجهزة رقابية لمكافحة الفساد الإداري تمتلك صلاحيات واسعة في مجال عملها، و مزودة بإمكانات كافية و ينتقى لها أكفأ و أفضل العناصر البشرية، و أن تتمتع بحصانة تمكنها من القيام بدورها بشكل فعال، و متصلة إما برئيس الدولة مباشرة أو رئيس مجلس الوزراء.

و يمكن الاستفادة بتجارب الدول المتقدمة التي أنشأت أجهزة مماثلة من حيث التنظيم و الأدوار التي تباشرها، و التبعية الخاصة بها، و كذلك نظم عملها.

و هوية إمكانات و أدوات الأجهزة الرقابية فيما يتعلق بالكشف عن ظواهر الفساد الإداري و التعامل الجدي و الحاسم معها، و توفير ما ينأى بهذه الأجهزة الرقابية حتى لا تكون هي نفسها عرضة لمغريات نفس الداء الذي تحاربه و تتعامل معه، و تشديد الرقابة على هذه الأجهزة لكي يكون أداؤها فعالا، و متابعة و تقويم الإنجاز و التقدم المحرز في الأجهزة الرقابية المتعلقة بمحاربة الفساد الإداري في فترات مناسبة و متعاقبة و تنمية الدور الرقابي الذي يقوم به أفراد المجتمع، أو الأطراف التي تتلقى الخدمات الحكومية بالوعي الثقافي و الحرص على أخلاقيات العمل الحميدة لدى العاملين و المستفيدين من الخدمة و إدراك آثار و أخطار الفساد الإداري، و عدم التهاون مع ممارسات الفساد.