تجليات العبث بين الحب الحقيقي و الحب الإيروسي في مسرحية "ربطة العنق الدامية" لنصر الدين بن غنيسة

الملخص AR

في هذه الدراسة المعنونة بتجليك العبث بين الحب الحقيقي (العذري) و الحب الايروسي (الشهواني) في مسرحية "ربطة العنق الدامية"، سنحاول من خلالها رصد و تتبع المعاني الخفية في النص و من ثم سبر أغوارها بكشف مكامن العبث، و ذلك بإبراز صراع المتناقضات بين جوانح النفس البشرية،و إيقاظ الرغبات و تحري الشهوات، في رحلة بحث عن الذات التي تتحول إلى ذوات بتقلباتها، و تحاملها على الآخر، و النزوع إلى العدائية، في محاولة لفرض نفسها عليه و سعيها لتحقيق الرغبة، و تحديد مصيرها، محاولين بذلك وصف التناحر الذي ترسمه المسرحية بين شخوصها، في رحلة سعيها الدائم للحفاظ على مكانتها، و ذلك بالتركيز على إبراز بواطن الشهوة عند الإنسان و مكامن الشرور في النفس البشرية ؛ كحب التملك و النزوع إلى السلطة.

و بهذا يتحول الحب من عاطفة جميلة تبعث الطمأنينة و الهدوء، إلى عاطفة غامضة تضطرب بسببها نفس الإنسان فتتصارع فيها الرغبات بين حب التملك، و الاستيلاء على الآخر، و إخضاعه، مما يتولد عنه صراع ؛ يحاول أحد طرفيه التخلص من الآخر، فيصبح الحب متعدد الأوجه، ليتحول إلى تيمة عبثية بامتياز، في جمعه بين المتناقضات ؛ التي وشحت بها شخصيات مسرحية "ربطة العنق الدامية"، و ذلك عند تحليل أفعالها و التطرق إلى انفعالاتها، و التعبير عن أهوائها و رغباتها، و الصراع القائم الذي يتولد عنه بطبيعة الحال نوع من التمرد و الرتابة و من ثم قتل كل ما هو جميل، و كل هذا الصراع بين الإنسان و العالم بجانبيه المعقول و للامعقول، هو ما يولد العبث، و هنا العبث عبث الأخلاق، و الراهن و الواقع و منه العبث الوجودي.

ليبرز شقاء الإنسان في هذا العالم المعقول اللامعقول ؛ تحت ظل أزمة الهوية و نكران الذات، و الشعور بالاغتراب.