الإدارة العامة المقارنة لدراسة تحليلية لبعض القضايا النظرية و المنهجية

الملخص AR

ثمة مصطلحات متعددة يستخدمها علماء و كتاب الإدارة العامة للتعبير عن المقارنة منها : الإدارة المقارنة، الدراسة المقارنة للإدارة، المنهج المقارن، التحليل المقارن، المدخل المقارن.

و الإختلاف بين هذه المصطلحات ليس خلافاً منصباً على الألفاظ، و إنما خلاف حول طبيعة الإدارة المقارنة و هل هي فرع علمي قائم بذاته، أم أنها لا تعدو أن تكون طريقة منهجية.

و إن كان هذا التمييز لا يعني تنافرهما، فالطريقة المقارنة هي المنهجية التي يتبعها الباحث في علم الإدارة المقارنة للتوصل إلى نتائجه.

و يوضح تحليل تطور هذا الحقل الدراسي انطلاق تطور الإدارة المقارنة من محاور جادة و عميقة : تجاوز الوصف إلى التحليل المقارن، و التحول من المعالجة الرسمية الشكلية إلى المعالجة وفق منهجية جديدة تبنى على المدخل البيئي، و الإنتقال من التحليل من منظور جزئي يركز على نظم الإدارة العامة إلى منظور كلي بتحليل بناء المجمع ككل و تفاعلاته مع نظامه الإداري، ثم تخلي الدراسة عن طابعها الغربي لتكتسب طابعاً أرحب من أجل فهم الإدارة في بيئات ثقافة متنوعة و في ذلك إثراء كمي و كيفي للمعارف الإدارية.

و يواجه بناء استراتيجية المقارنة عدداً من التحديات تتعلق بانتخاب نموذج المقارنة، و الإطار النظري للمقارنة، و وحدة التحليل المقارن.

بالإضافة إلى تحديات أخرى تتعلق بالمفاهيم الإدارية، و جمع المعلومات، و تداخل النظام الإداري مع الأنظمة الأخرى، و موضوعية الباحث المقارن.

قضايا نظرية و منهجية أخرى تشغل المهتمين بهذا الفرع الدراسي منها تعيين الحدود الملائمة له، خاصة في علاقة الإدارة المقارنة بإدارة التنمية و حقيقة العلاقة بينهما في الفترة المعاصرة و هل هي علاقة إحلالية أم تكاملية.

و دور الإدارة المقارنة في تدعيم لدراسات المناطق.

و الربط بين هذا الفرع الدراسي و التنظير العلمي في الحقل الأم الإدارة العامة بما يحقق الإستفادة من الرؤى الجديدة في الأهداف التطبيقية للتحليل المقارن.

يتفرع علم الإدارة العامة إلى عدة حقول دراسية، أحدهما حقل الإدارة المقارنة الذي يعايش تطوراً جذرياً انطلق من محاور جادة و عميقة : تتجاوز الوصف إلى التحليل المقارن، و من المعالجة الرسمية الشكلية إلى المعالجة وفق منهجية بيئية، و من التحليل من منظور جزئي يركز على النظام الإداري إلى تحليل لبناء المجتمع ككل، ثم تخلي الدراسة المقارنة عن طابعها الغربي اتكتسب طابعاً أرحب من أجل فهم الإدارة في بيئات ثقافية متنوعة.

على أن تعيين الحدود لهذا الحقل الدراسي ما زال محل خلاف بين علماء الإدارة العامة، حيث ينكر بعضهم وجوده و أن المقارنة ليست إلى طريقة منهجية للبحث، و يرى فريق آخر أن المقارنة حقل دراسي متميز يفيد في زيادة و تعميق المعرفة النظرية للإدارة العامة، بل بدون دراسة الإدارة في مجمعات مختلفة لن نصل إلى علم للإدارة العامة له من القواعد ما يتصف بالعمومية و الشمول.

و إذا كانت الأصول التاريخية للمنهج المقارن في دراسة الإدارة العامة قديمة ترجع إلى الدراسات السياسية المقارنة بحكم الإرتباط الوثيق بين الإدارة العامة بالعلم الأم علم السياسة، إلا أن التحليل المقارن للأنظمة الإدارية لم يبرز كعلم قائم بذاته إلا منذ منتصف القرن العشرين.

و رغم ذلك فقد شهد هذا الحقل الدراسي تطوراً جذرياً أملته اعتبارات أساسية أولاها ظهور مجموعة الدول النامية، و الإهتمام الدولي بدراسة أوضاعها، و إختبار نظريات الإدارة العامة في الدول المتقدمة على أوضاع الإدارة في الدول النامية، و تبني المنهج البيئي في الدراسة المقارنة، و بروز أهمية دراسات المناطق، مع تحول الدراسة المقارنة إلى التركيز على إدارة التنمية.

و قد واجه التحليل المقارن عدداً من القضايا تتعلق باختيار نموذج المقارنة، و الإطار النظري للمقارنة، و وحدة التحليل المقارن.

بالإضافة إلى عدد من المشكلات تتعلق بالمفاهيم و جمع المعلومات و تداخل المتغيرات و موضوعية الباحث.

و الواقع أن التغلب عليها يمثل التحدي الحقيقي للمهتمين بالإدارة المقارنة في سعيهم الدائب من أجل بناء منهجية إدارية مقارنة.

تلكم بعض القضايا الهامة المثارة في إطار علم الإدارة العامة المقارنة.

و تمضي دراستنا في تفصيل القول بشأنها في ستة موضوعات يناقش أولها مسألة هوية الإدارة المقارنة، و يتعرض ثانيها لهدف المقارنة، و يتناول الثالث تطور الإدارة المقارنة، و يحلل الرابع استراتيجية المقارنة، و يناقض الخامس مشكلات التحليل المقارن، و يتأمل السادس آفاق الإدارة المقارنة.