المنظور الاجتماعي في دراسة جمهور وسائل الإعلام

الملخص AR

تفرض الدراسة الخاصة بجمهور وسائل الإعلام على الباحث، تكاملا في المنهج و في الإطار النظري، حتى تنتهي إلى نتائج يمكن الإستفادة منها في تفسير العلاقات بين عناصر النموذج الإعلامي، و تحديد الأثر، بالإضافة إلى أهداف التخطيط و التقويم التي تجب أن تتحقق من خلال الدراسة المتكاملة التي تستهدف الإجابة عن السؤال...

لمن...؟ أحد العناصر الأساسية في النموذج الإعلامي.

و في مجال الدراسات المنهجية التي أجريت على جمهور وسائل الإعلام في الوطن العربي، نجد أنه بينما نلحظ تقدما في مجال دراسة السمات العامة أو الأولية أو السكانية لهذا الجمهور، سواء كانت لخدمة الأهداف التجارية و التسويقية، أو في مجال دراسة هذه السمات التي علاقتها بالتفضيل و الإهتمام، بينما نلحظ تقدماً في هذا المجال، نجد نقصاً شديداً أو ندرة في الدراسات التي تتناول السمات الإجتماعية لهذا الجمهور، على الرغم من أهميتها في الكشف عن الطبيعة الإجتماعية لهذا الجمهور، و علاقتها باستخدام وسائل الإعلام و قبوله لها، و كذلك معرفة أقصر الطرق إلى التأثير في هذا الجمهور من خلال تحقيق دوافعه و حاجاتهم من استخدام هذه الوسائل.

و لذلك يناقش هذا البحث المنظور الإجتماعي في دراسي الجمهور، باعتباره مدخلا من المداخل الأساسية لدراسة هذا الجمهور و الكشف عن سماته الإجتماعية و دوافعه و حاجاته.

و ينقسم البحث إلى ثلاث مباحث، يتناول الأول منها أهمية دراسة السمات الإجتماعية لجمهور وسائل الإعلام التي فرضتها الظروف الإعلامية المعاصرة، ابتداء من التغير في المفاهيم و حتى تحقيق الأهداف البحثية في الكشف عن هذا الجمهور لأغراض التخطيط و تقويم و دراسة الأثر، و كذلك الإتجاهات التي يسلكها الباحث في دراسة هذه السمات لتحقيق الأهداف البحثية.

و يعرض المبحث الثاني لأهم السمات الإجتماعية ذات العلاقة بتصميم الرسالة الإعلامية و اختيار رموزها، التي يهتم الباحث بدراستها لتكون مدخلا سليما للإقناع و تحقيق الأثر، و بالتالي التفسير العلمي لطبيعة العلاقة التي تكتشف اتجاهات التفضيل و الإهتمام، و كذلك الرضا و الإشباع.

و يركز المبحث الثالث على أهم الدوافع و الحاجات التي يستهدفها أعضاء الجمهور من التعرض إلى وسائل الإعلام و مفرداتها و محتواها، و يعتبر تحقيق هذه الدوافع و الحاجات مقياسا لرضا الجمهور و قبوله لوسائل الإعلام، و ما تقدمه من مفردات أو موضوعات.

و في ختام البحث يوصي الباحث، بضرورة الاستفادة من المنظور الاجتماعي في دراسة الجمهور في إطار متكامل، مع دراسة السمات العامة أو الأولية أو السكانية، حتى يمكن التعرف بدقة على جمهور الوسائل الإعلامية و مفرداتها، ليكون مدخلاً علمياً سليماً إلى التخطيط و التقويم و التفسير العلمي للسلوك الإتصالي مع هذه الوسائل.

على الرغم من تزايد البحوث و الدراسات التي اهتمت بجمهور وسائل الإعلام في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، ممثلة في الدراسات الأكاديمية و العلمية، أو الدراسات التي تجريها أجهزة البحوث و الدراسات في هذه الوسائل، على الرغم من هذا التزايد إلا أننا نلاحظ غياب المنظور الإجتماعي في هذه الدراسات، اكتفاء بالوصف الكمي لهذا الجمهور و التعرف على تركيبه السكاني، في إطار علاقته بالتعرض إلى الوسائل الإعلامية، و التعرف على مستويات تفضله و اهتمامه بهذه الوسائل و مفرداتها و محتواها، سواء لخدمة الأهداف الترويجية و التسويقية، أو تقويم الأعمال و الإنجازات.

و في هذا الإطار نشطت القياسات التي تجريها أجهزة البحوث في المؤسسات الصحفية أو أجهزة الراديو و التلفيزيون للتعرف على الفراء أو المستمعين أو المشاهدين و اتجاهات تفضيلهم و اهتمامهم و مستوياتهم، و ذلك في إطار المنظور الفردي لعضوية الجمهور، و لذلك لم تزد هذه القياسات، التي يطلق عليها في كثير من الأحيان "بارومتر الاستماع أو المشاهدة"، عن كونها إحصاءات لتصنيف هذا الجمهور في إطار الفئات الخاصة بالتركيب السكاني في محاولة للإجابة عن السؤال...

لمن...؟ دون أن تتخطى ذلك إلى التعرف على دوافع التعرض و حاجات الجمهور، التي ترتبط بالعديد من السمات الإجتماعية، التي تسهم إلى حد كبير في تفسير العلاقة بين هذه السمات و السلوك الإتصالي مع وسائل الإعلام، و تطوير المفاهيم و الأسس الخاصة بالتخطيط الإعلامي و دراسة الأثر في الظروف الإعلامية المختلفة.

و على الرغم من أن مثل هذه الدراسات قد حققت تقدما ملموساً في الدراسات الغربية خلال دراسة الأثر، و دراسة التفضيل و الإهتمام، و دراسة الإستخدام و الإشباع، إلا أن الدراسات الخاصة بالإتصال الجماهيري و الإعلام في الوطن العربي لم تقترب منها بعد الإقتراب الكافي الذي يسهم في صياغة المفاهيم و المعارف المرتبطة بالمنظور الإجتماعي لعضوية جمهور وسائل الإعلام، نظرا لحداثة هذه الدراسات، أو اكتفاء بما تقدمه العلوم الاجتماعية و السلوكية الأخرى في هذا المجال، و هي ما زالت نادرة سواء في المكتبة الغربية أو العربية.

و لذلك تهدف هذه الدراسة إلى صياغة المفاهيم و المعارف ذات العلاقة بالمنظور الإجتماعي، كأحد المداخل الأساسية لدراسة جمهور وسائل الإعلام، حتى نصل إلى إجابة متكاملة على السؤال...

لمن...؟ من خلال الوصف الشامل لجمهور وسائل الإعلام في إطار المنظور الفردي، و الإجتماعي لعضوية هذا الجمهور، و حتى تتخذ أساساً لتفسير العلاقات و التأثيرات بالنموذج الإعلامي في إطار الظروف الإعلامية المتغيرة.

و يعتمد منهج هذه الدراسة على مسح الدراسات و البحوث التي تمت في هذا المجال، و تناولتها علوم الإتصال و الإجتماع، و علم النفس، و علم النفس الإجتماعي، و نعرض خلاصة الدراسة الإستطلاعية لهذه الدراسات و البحوث في ثلاثة مباحث رئيسية، تتناول موضوع هذه الدراسة مقسما إلى : المبحث الأول : أهمية دراسة السمات الإجتماعية لجمهور وسائل الإعلام و اتجاهاتها.

المبحث الثاني : الفئات الرئيسية للسمات الإجتماعية لجمهور وسائل الإعلام.

المبحث الثالث : الدوافع و الحاجات الفردية و الإجتماعية للجمهور.