توجهات الذات الراثية عند الشاعر العباسي

الملخص AR

الرثاء من الأغراض الشعرية المعروفة التي أشبعت بحثا و دراسة، لكن الجميع يعلم أن شعر الرثاء يعني مدح الميت و البكاء عليه شعرا، فهو موجه-كالعادة-من شخص حي إلى آخر ميت، لكن ما يميز موضوع هذا البحث هو أن الرثاء موجه من شخص إلى ذاته نفسها، و من حي إلى حي لم يمت.

و يحدث ذلك عندما يعيش الشاعر مع ذاته أزمة نفسية ترفض الواقع الأليم و تتمنى أن تثور عليه في اللحظات التي تؤمن فيها بأنه لا جدوى من تلك الثورة التي لم و لن تحقق الأمنيات المرجوة، فمن الواضح جدا أن الشاعر متى ما وصل إلى حالة الرثاء-رثاء الذات-فهو يعاني إذا من موت مجازي، موت للذات الحالمة التي تصبو إلى المبتغى بعد يأس محيق، ذلك اليأس هو الذي أوصل الشاعر إلى الشعور بموت معنوي يستحق الرثاء.

إن هذه المشاعر التي تثيرها تلك القصائد الراثية للذات الشاعرة هي التي أثارت فضولي للبحث بين معانيها المؤثرة في دواوين الشعر العباسي عند أولئك الشعراء الذين جددوا في موضوعاتهم و صورهم في العصر العباسي إذ رأيت بأن شعرهم أنموذج رائع لفكرة البحث.

لقد وجدت بعد تأمل لأشعارهم أن الأزمة لديهم بدأت مع الذات الفاقدة لأسباب التميز و تحقيق الأمنيات، و أزمة أخرى هي المجتمع الذي لم ينصف الشاعر بأي شكل من الأشكال، تلك الأزمة هي التي أغلقت أبواب الممكن و فتحت أبواب المستحيل، فرسم كل هذا بصور شعرية راثية لأطلال نفس لم تمت بعد.