الدور العلمي للطرطوشي ت ٥٢٠ ه ١١٢١ م في تاريخ فلسفة العمران و السياسة من خلال كتاب سراج الملوك

الملخص AR

يمكننا أن نستعرض أبرز النتائج التي وصلنا إليها في البحث و هي كما يلي : (أ) كما نعلم أن الطرطوشي تلقي علومه الأولى في مدينة طرطوشة و مسجدها على يد الفقيه القاضي أبو الوليد الباجي و تعلم منه أصول الفقة المالكي و هذا ما جعله مقلدا لشيخه الباجي في كل شيء في تطبيق المذهب أو السعي إلى نشره أو في اعتناق النزعة الزهدية الصوفية التي طبقها في منهجه الفكري العام. (ب) أوجد الطرطوشي تناقضا في المنهج الفكري و العقائدي مع ابن حزم الأندلسي و لعل هذا التناقض كان بسبب خلاف الشيخ أبو الوليد الباجي (أستاذ الطرطوشي) و بين ابن حزم على رتبة شيخ علماء الأندلس لأن الباجي كان يحسد ابن حزم على هذه الرتبة، فلما مات ابن حزم آلت الرتبة إلى أبو الوليد الباجي الذي تولى فورا طرح حلقات معارضه لفكر ابن حزم و هذا ما انعكس على فكر الطرطوشي أصلا كونه مقلدا لأستاذه. (ج) تلقى الطرطوشي علومه في بغداد على يد جملة من علماء الشافعية مثل الغزالي و أبي أسحق الشيرازي و غيرهم مع العلم أنه كان مالكي المذهب و لا يتوافق معهم في بعض النواح في العقيدة و الفكر و لكن هذا الأمر لم يشكل عائقا أمام وحدة الهدف و سمو الموضوع الفكرة و الموضوع في الدراسة لأنه كان يهدف إلى الحوار و الجدل خصوصا و أن بغداد كانت تعيش زهو الارتقاء العلمي آنذاك. (د) لم يبد الطرطوشي معارضة واضحة للمذاهب الإسلامية فيما عدا المذهب الفاطمي الإسماعيلي في مصر فقد عارضه في مواضيع متعددة و خصوصا في موضوع تركهم لصلاة الجمعة كما يعتقد هو و في موضوع الأصول و الفروع في الدين، و لذلك فإنه عندما وصل إلى مصر نراه فضل المكوث في الإسكندرية على غير مكان كونها تتبع المذهب المالكي، و هذا ما جعل المؤرخين يعتقدون أن الطرطوشي قد أنكر فضل أهل مصر الفاطمية الذين استقبلوه بكل طوائفهم محترفين لمذهبه و عقيدته إلا أنه برغم كل ذلك يحشد الناس على الفاطميين و يرفض مذهبهم و عقيدتهم و يصفهم ببطلان الأمور و ما شابهها. (هـ) لم يقتصر الطرطوشي في تقديمه العلمي لمؤلفاته على المقولات و المفاهيم المجردة بل حاول ربطها بالتاريخ من حيث أن التاريخ حركة و تحول مستمر لمجمل الأحداث معلقا و شارحا ذلك في فلسفة العمران عنده. (و) في تفسيره للعمران نراه يقبل بالحتمية العلمية و الاجتماعية للتاريخ و لهذا وجدناه يفسر هرم الدولة و زوالها بعوامل نفسية و اجتماعية و اقتصادية كالترف و فساد الحاكم و ضياع العصبية القبلية و هدر الثروة. (ز) إن كل الآراء السياسية التي طرحها الطرطوشي في سراج الملوك كانت محاولة منه في الفلسفة السياسية اعتمدت على الجمع و الرصد و قلما اهتمت بالتحليل و الاستنتاج و لهذا فأنه برغم كل أرائه هذه فإنه لا يرتقي إلى وضع نظرية سياسية بموضوع السلطان و الدولة و إنما فقط يرسم ملامحها العامة.