كتابة التاريخ عند المسلمين

الملخص AR

نبتت فكرة الكتابة التاريخية عند المسلمين في تربة الفكر العربي .حيث استخدم العرب للتعبير عن فكرة "التاريخ" أو"التأريخ" لفظ "أخبار" التي تعني الأحداث و الظواهر البارزة، حتى غدت تعني لفظ "القمر" أو الشهر .ثم أصبحت تعني التوقيت حسب منازل القمر، و حتى تطورت إلي مفهوم الزمن و الحقبة – و لم يتأت لها الظهور إلا بعد أن ادخل الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، التقويم الهجري، قبل ذلك كانت العرب تضبط الوقت بالنجوم والأهلة .كما كانوا يبنون التاريخ علي "الليالي" لا ”الأيام".

وما أن حان القرن الثالث الهجري حتى استخدمت كلمة "تاريخ" للدلالة علي كتب و مؤلفات تحتوي علي أزمنة و أخبار الأولين، ثم تطورت لتأخذ معني الحوليات .و بظهور الرسول، صلي الله عليه و سلم، نبيا و مبشرا، نزل القران الكريم، و فيه آيات بينات تروي قصصاً و أخبار عن الأولين و الأنبياء .و بهذا يكون القران الكريم، قد وضع بذور البحث التاريخي لدي المسلمين بتوفيره المادة التاريخية.

و بعد وفاة الرسول،)صلي الله عليه و سلم(، بقليل بدا جامعو الحديث في التحقق من صدق الرواة، و للتأكد من صحة الحديث .كذلك برز رجال أكفاء عكفوا علي جمع أخبار السيرة و تدوينها من مصادرها.

فكان ذلك يمثل بداية انشغال المسلمين بالتاريخ .

و بعد حركة الفتوح الإسلامية، نشأت الحاجة لجمع الأخبار، لذا ظهر مصطلح" أخبار" و المتخصص فيه "إخباري" كما ع رف المتخصص في رواية الحديث"بالمحدث" .و ما أن بسط الأمن و سهل الانتقال بين أرجاء الدولة الإسلامية ، تشجع كثير من طلاب العلم و المؤرخين، علي الترحال في ديار الإسلام في طلب الرواية، نتيجة لذلك أضاف المسلمون أساسا جديدا للمادة التاريخية، و هو منهج المشافهة و المشاهدة .و حين ضعفت الوحدة السياسية و الجغرافية للدولة الإسلامية ،تحول الفكر التاريخي الإسلامي، من جانب التسلية و التبسيط و التعليم إلي ميدان الفلسفة العقلية التي تبحث في علل الكوارث، تلك المرافعة التي تزعمها فيلسوف مؤرخي المسلمين، عبدالرحمن بن خلدون.