الدلالات الحضارية لألفاظ المعارف في الكتابات العربية الشمالية القديمة : نماذج مختارة

الملخص AR

إن من أبرز الدوافع التي كانت وراء اختيار موضوع هذا البحث، هو الرغبة في تتبع المظاهر المعرفية في المجتمع العربي القديم، و بخاصة أن المصادر العربية الإسلامية تحدثت عن محدودية القراءة و الكتابة في شمال الجزيرة العربية قبل الإسلام، كقولهم : إنه عندما ظهر الإسلام في مكة كان فيها سبعة عشر كاتبا فقط، بل مل يكتفوا بمكة و إنما عمموا الحال على البلاد كلها.

فهل كانت الأمية هي الأصل في المجتمع ؟ و هل كان الكتاب محدودين إلى درجة عدهم بالأفراد ؟.

و في المقابل، هل قصد المؤرخون المسلمون الخط العربي الذي نكتب به فقط؟، و ما هي الدلالات التي تحملها عشرات النقوش التي ذَكرت كتابا و كاتبات ؟، و هل ذكر المرض، و الطبيب، و الشفاء، و المعالجة، و الجروح، و الأوبئة، و الأيام، و الشهور، و الفصول، و السنين، و الاتجاهات، و الأعداد، يدل على فهم للواقع و مواجهة ظروفه، و تعلم أدواته، أم إنها مجرد تعابير و حسب ؟ لقد أثبت البحث أن الأمية في شمال الجزيرة العربية مل تكن شائعة على مستوى البلاد كلها، بل كانت الكتابة شائعة بين الرجال و النساء، بحسب النقوش المنتشرة على الصخور حتى اليوم.

و لعل ما ذكرته المصادر العربية الإسلامية عن قلة الكتاب لا يعني شيوع الأمية، بقدر ما يعني فقط العارفين بالخط العربي الذي تطور عن الخط النبطي إلى الشكل الذي نكتب به اليوم خلال الفترة الواقعة بين القرنين الثاني و السادس الميلاديين.