"أدب النصيحة" في التراث الأدبي و منطلقاته الفكرية

الملخص AR

تتناول هذه المقالة موضوع "النصيحة" في التراث الأدبي العربي بمفهومه الواسع و الشامل، بحيث يبدو الأدب من خلاله شديد الصلة بكل نواحي الحياة الإنسانية ؛ العلمية الفلسفية، و الاجتماعية، و الدينية، و الفنية. و نبتغي من وراء تناولنا لهذا الموضوع أن نطرق أحد الأبواب الخلفية للأدب، منتبهين إلى الجوانب المضمونية فيه، و أن نستعرض دلالات "النصيحة" في المجالات الثقافية الشائعة في التراب الأدبي، لا سيما إذا عرفنا أن تناول موضوع "النصحية" كان شائعا جدا في هذا التراث، غير أن منطلقاته الفكرية كانت متنوعة و متعددة و من السهل على القارئ أو الباحث أن يحدد طبيعة و ميول المصنفات التي اهتمت بهذا الموضوع، و أن يلاحظ مدى اختلافها عن بعضها البعض من الناحية المضمونية بشكل خاص، و لكن أيضا من الناحية الأسلوبية. و سنحاول في هذه المقالة القصيرة أن نجمع بين شتات هذه المنطلقات، و أن ننظر إليها جميعا على أنها تصب في مصب الأدب الواسع و الشامل، و إن بدت لأول وهلة أنها متفرقة و متمايزة عن بعضها البعض. و تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه المنطلقات تبدو أنها تدور أكثر ما تدور في فلك ما يعرف "بأدب الخاصة"، لشيوع المصنفات التي تحمل السمات السياسية لولاة الأمور، و المصنفات التي تحمل نزعة الإصلاح الاجتماعي الموجهة إلى ذوي المناصب الإدارية المختلفة الأهمية، أو تلك الموجهة إلى ذوي المناصب الدينية – العلمية ؛ كالقضاة و العلماء، أو ذات النزعات العلمية البحتة، كالفلاسفة.

و من هذه المصنفات الكثيرة التي لا يمكن استقصاها هنا : نصيحة الملوك للماوردي، أدب الدنيا و الدين له أيضا، تحفة الوزراء للثعالبي، التبر المسبوك في نصيحة الملوك للغزالي، الشهب اللامعة في السياسة النافعة للمالقي، سياست نامه لنظام الملك، قابوس نامه لقابوس بن و شمكير، سراج الملوك للطرطوشي، الحكمة الخالدة لمكسويه، تهذيب الأخلاق له أيضا، روضة العقلاء للبستي، الجليس الصالح لسبط ابن الجوزي، الفرق بين النصيحة و التعيير لابن رجب الحنبلي، الفخري في الآداب السلطانية لابن طباطبا، الأدب الصغير و الأدب الكبير لابن المقفع، كليلة و دمنة له أيضا، فاكهة الخلفاء لابن عربشاه، سلوان المطاع في عدوان الأتباع لابن ظفر الصقلي، رسائل إخوان الصفا، عيون الأخبار لابن قتيبة، تحفة الوزراء للثعالبي، إلى جانب مصنفات أخرى كثيرة لا مجال لاستعراضها جميعا.

و سنتطرق بطبيعة الحال في مقالتنا هذه إلى بعض من المصنفات التي ذكرت آنفا.