تجليات الإرادة في شعر عبد الله بن وراحة

الملخص AR

يسعى هذا البحث إلى تحقيق هدفه من خلال طريقين متشابكين : الأول تحليل النص لكشف مستوياته و تلمس شبكة علاقاته و الثاني ربط النص بمرجعياته التاريخية و العقدية التي شكلت منعطفا حادا في بنية الفعل الإرادي لدى الشعراء المخضرمين فهم أكثر من عانوا مرحلة العيش في ظل الصراع بين الأعراف و التقاليد الجاهلية التي تربوا عليها، و مرحلة منظومة القيم و المثل الإسلامية المنضبطة، و المنطق يقول إن لكل مرحلة من هاتين المرحلتين متطلب إرادة ستكون حتما مناقضة للأخرى، و هذا من أكبر هموم شعراء الخضرمة فعبدالله بن رواحة شاعر مخضرم.

عاش في الجاهلية في قبيلته الخزرج و كان سيدا مطاعا و شاعرا ينافح عن قبيلته و قد عرف عنه أنه كان يناقض شاعر الأوس قيس بن الخطيم لم يصل من شعر عبد الله الجاهلي إلا القليل، و لعل أهم ما وصل إلينا نقيضته التي رد بها على قيس بن الخطيم التي افتتحها بالغزل التقليدي و فيها تتعالى إرادته و تتسامى عن الابتذال و هزيل القول، لم يعرف عنه أنه مدح أحدا و لم يقل في الخمرة شيئا، أما شعره الإسلامي فكان على شكل مقطوعات فيه نفحات روحية تدل على سمو إرادته و علو همته و قد وثق فيها الأحداث بأزمانها و أماكنها و كل من درس ابن رواحة عده مجاهدا أكثر منه شاعرا فشعره هو ما تجيش به نفس المقاتل ساعة المحنة و قد استطاع أن يصور لنا الإيمان الحقيقي للمجاهد و صدق مشاعر من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله مجسدا سرعة استجابته للإسلام قولا و فعلا عبر ذلك الشحن الروحي معبرا عن تلك الخلجات النفسية التي صورت الصراع الداخلي بين غرائز النفس و نزواتها التي تنشد السلامة و البقاء.