استخدام تقنية النظائر البيئية في دراسة المياه الجوفية في المناطق الجافة العربية

الملخص AR

تمتد معظم أراضي الوطن العربي عبر أقاليم جافة و شبه جافة إذ لا تشكل المناطق التي تتأثر بمناخ البحر الأبيض المتوسط إلا جزءا يسيرا من مساحته مما جعل من ظاهرة الجفاف الصفة السائدة فيه، و قد نجم عن ذلك ندرة في موارده المائية السطحية بالإضافة إلى عدم انتظام جريانها و كان من الطبيعي أمام هذه الظروف أن تلجأ الأقطار العربية إلى استثمار المياه الجوفية لتأمين احتياجاتها التنموية.

و نظرا لاتساع رقعة المناطق الجافة العربية و صعوبة إجراء مسوحات نظامية و دورية للمياه الجوفية إضافة إلى تعقيد الظروف الهيدروجيولوجية التي تتحكم بشروط توافرها في هذه المناطق، فقد قام المركز العربي في إطار مشاريعه التي تهدف إلى مسح و تقييم الموارد المائية الجوفية في الوطن العربي إلى تطبيق عدد من التقنيات الحديثة كان من بينها تقنيات النظائر البيئية.

تعتبر تقنية استخدام النظائر (Isotopes) في الدراسات الهيدرولوجية الهيدروجيولوجية من التقنيات الحديثة نسبيا، و قد ساهمت هذه التقنية في تفسير العديد من المشاكل الهيدروجيولوجية في السنوات العشرين الأخيرة مما أدى إلى توسيع استخدامها على نطاق واسع و بالتالي ازداد عدد المختبرات المختصة في العالم في هذا المجال، و تسمح هذه التقنية بالإجابة على عدد من التساؤلات الرئيسية التي تطرح في مجال الدراسات الهيدوجيولوجية حول تغذية المياه الجوفية و مصدرها و تقدير عمر هذه المياه و سرعة الجريان، و اتجاهه و العلاقة ما بين المياه الجوفية و السطحية.

لقد استخدمت هذه التقنيات في دراسة نبع الفيجة الذي يؤمن مياه الشرب لمدينة دمشق و هو نبع كارستي يبلغ متوسط تصريفه 8م3 / ثا حيث أمكن باستخدام التريتيوم حساب زمن البقاءMean residence time و عليه تم حساب المخزون الجوفي من المياه، كما أمكن باستخدام هذه التقنية تحديد مصادر التغذية المائية و النظم الإقليمية لحركة المياه الجوفية في الصخور الكلسية في شرقي البحر الأبيض المتوسط حيث بينت الدراسة أن هذه الحركة تتم وفق اتجاه التشققات و محاور المحدبات لتصرف في منخفض سبخة الموح الذي يقع في أواسط البادية السورية حيث تتجمع فيه المياه التي تعود لفترات مطرية متباينة أمكن تحديدها باستخدام الكربون 14، كما أمكن توضيح أن الطبقات المائية الجوفية المنتشرة في مجاري الوديان تحتوي على مياه حديثة التغذية في حين أن الطبقات المائية الجوفية، بعيدا عن الوديان، تحتوي مياها غير متجددة.

لقد بينت كافة الدراسات التي أجراها المركز العربي جدوى استخدام النظائر البيئية في توضيح الظروف الهيدروجيولوجية في المناطق الجافة و شبه الجافة العربية و أجابت على عدد من التساؤلات المطروحة حول مصادر تغذية عدد من الطبقات المائية الجوفية التي درست، إلا أنه تبين بشكل واضح أن كافة نتائج التحاليل الايزوتوبية لا يمكن أن تكون ذات فائدة بدون وجود تفهم هيدروجيولوجي واضح للنظام المائي الجوفي قيد الدراسة يتم على أساسه طرح التساؤلات التي تتطلب إيجاد أجوبة محددة و بدون هذه القاعدة فإنه لا يمكن استخلاص أي استنتاج من قيم هذه التحاليل.