منطقة وسط الرياض : الخصائص و التحديات : دراسة جغرافيا الحضرية

الملخص AR

كانت من أهم سمات التركيب الداخلي لمدينة الرياض، تركز معظم الأنشطة و الفعاليات التجارية و الصناعية و السكنية في منطقة الوسط و ما حولها.

و مع تزايد أعداد السكان بعاملي الزيادة الطبيعية و الهجرة الداخلية و الخارجية، ظهرت قوى نمو جديدة واكبت عصر الوفرة الاقتصادي و تطبيق خطط التنمية الخمسية الثانية و الثالثة، إبان الفترة (1395-1405 هـ) (1975-1985 م)، تمثلت في توسع المناطق السكنية زاحفة نحو الأطراف محدثة تغيرات عميقة في أنماط انتشار السكان و استخدامات الأرض المرتبطة بإعادة توزيعهم، فاتسعت دوائر الخدمات التجارية بظهور نويات تجارية تحولت بالتدريج إلى مراكز تجارية حديثة، استخدمت فيها تقنيات جديدة مثل طرح تصميمات معمارية مبهرة تقوم على مساحات واسعة مغلقة مكونة من عدة أدوار و تأمين خدمات إضافية خارج الهيكل السلعي المتنوع، وسط أجواء احتفالية من الإضاءة و أعمال الزخرفة و تنسيق المواقع.

و تزامنت هذه التطورات التجارية و الخدمية مع اضمحلال تجارة التجزئة في وسط المدينة و تدهور أحواله البيئية و العمرانية و صعوبة الوصل إليه.

الأمر الذي استدعى تدخل إنقاذي مباشر من الدولة لا سيما و إن وسط المدينة يحمل مكانة تاريخية و قيم معمارية و ماض تجاري مركزي مزدهر، و ترجمت جهود العمل لإحياء المنطقة الوسط، بمشروع تطوير منطقة قصر الحكم الذي نجح في جعل قلب المدية ينبض بالأنشطة الإدارية المركزية لمنطقة و مدينة الرياض، و يعيد بريق رموزه الدينية و السياسية و المعمارية، و ينشط من دوره التجاري، بمساندة قوية من القطاع الخاص الذي جازف بزرع مراكز تجارية في قلب المدينة، تحمل نفس مواصفات نظرياتها التي قامت في الأحياء السكنية الراقية.

و قد بينت الدراسة الميدانية التي ركزت على تقصي عوامل و مظاهر العلاقات التنافسية بين وسط المدينة بحلله الجديدة و بين المراكز التجارية في الأحياء الخارجية، إن الجهود التي صبت لبعث الحيوية في منطقة الوسط قد جعلت منها أحد الخيارات التسويقية المتاحة للجمهور لكنها لم تعدها إلى دورها السابق كمنطقة مركزية أولى للتجارة و الأعمال بسبب إحراز المراكز التجارية خارج منطقة وسط المدينة لعناصر السبق الجغرافي الزمنية و المكانية.

و ما تزال المركزية الإدارية و القيم الرمزية و الاجتماعية تغلب على شخصية منطقة الوسط أكثر من القيم الاقتصادية، لذلك فإن قطف ثمار الجهود التنموية الكبيرة التي استهدفت قلب العاصمة بحاجة للمزيد من المبادرات و لعل من أهمها إيجاد إدارة مستقلة لوسط المدنية تعين حدوده و تراقب أداءه، و تضع خطوط إرشادية معمارية لتعزيز معماره التقليدي و خصائصه الحضرية المميزة و الضرورة الملحة لاستمرار الشراكة العامة و الخاصة لرسم و تنفيذ استراتيجيات مستقبلية تستجيب لقوى السوق المتغيرة و التي تتطلب أن تشمل منتجات التنمية وحدات سكنية بكلفة معقولة تكون في متناول الأسر السعودية متوسطة الدخل، و مكاتب و أسواق تناسب قدرات التجار الأفراد، و إيجاد وسائل نقل آلية جماعية مريحة و سريعة، و تحسين نوعية الحياة عبر توفير مستويات عالية من الخدمات و التسهيلات الترفيهية و الثقافية و السياحية و البيئية.