تطور الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام : دراسة تاريخية نقدية

الملخص AR

يعتبر الدين أمرا متأصلا في النف البشرية؛ فهو الفطرة التي فطر الله الناس عليها منذ خلق آدم، عليه السلام، وما من شك في أن موضوع الدين وتشعباته على مر العصور يعتبر من الموضوعات التي حظيت بعناية الكثير من الدارسين، ولكن نظرا لاختلاف المنطلقات الدينية لبعض هؤلاء الدارسين من ناحية وعدم الإيمان الديني لدى البعض الآخر من الناحية الأخرى نجد أن هناك من اعتبر الدين أمرا طارئا في حياة الإنسان؛ بل يرى هذا الفريق أن الإنسان قد تدرج في فكره الديني عبر خط تصاعدي من عبادة قوى الطبيعة وتمثيلها ببعض التماثيل حتى وصل أخيرا إلى التوحيد مثل هذه النظرة تم تطبيقها على الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام؛ حيث يرى بعض الدارسين أن الإنسان العربي القديم قد مر بهذه المراحل المختلفة من تطور الفكر الديني حتى وصل في نهاية المطاف إلى مرحلة التوحيد، التي يرون أنها جاءت نتيجة تأثر الإنسان العربي القديم بالديانات التوحيدية التي دخلت الجزيرة العربية، ولاسيما اليهودية والنصرانية، ومن هنا فإن الحديث عن الحياة الدينية في الجزيرة العربية غالبا ما يبدأ بالحديث عن عبادة قوى الطبيعة والوثنية قبل أن يتم الانتقال إلى الحديث عن التوجه إلى التوحيد الذي بدأ يظهر مع مطلع القرن الرابع الميلادي .

وما من شك في أن مثل هذه النظرة الأكاديمية للفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام نظرة غير نعلم - كما أخبرنا القرآن الكريم - أن الدين أمر متأصل في النفس البشرية، وأن التوحيد هو أصل صحيحة؛ حيث الدين.

فآدم - عليه السلام - كأول إنسان تم خلقه كان مسلما موحدا، وكذلك بقية الأنبياء والرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - دون استثناء، بل إن أول دعوة توحيدية في التاريخ البشري هي دعوة نوح - عليه السلام - وقد جاءت لإعادة الناس إلى طريق التوحيد القويم، فكما نعلم، كان الناس على التوحيد منذ عهد آدم وعلى امتداد عشرة قرون، - عليه السلام - لتصحيح هذا الانحراف.

ولكنهم حادوا عن طريق التوحيد، فجاءت رسالة نوح في هذا البحث سنتحدث عن تعريف الدين لغة واصطلاحا، ثم نضع تعريفنا الخاص للدين، الذي سيكون تعريفا من الممكن تطبيقه على الدين في الجزيرة العربية قبل الإسلام، ثم نعالج ما كتب عن الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام معالجة تاريخية نقدية.

حيث سنبين خطأ القول بتطور الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام، ثم نحاول أن نحدد الأسباب التي قادت إلى وجهة النظر هذه، ونتحدث عد ذلك عن التوحيد باعتباره دينا أول للإنسان قبل أن ينحرف الإنسان إلى الشرك، وأخيرا ستأتي الخاتمة التي ستلخص أهم نقاط البحث، لتليها قائمة الهوامش والمراجع