العراق في الاستراتيجية التركية

الملخص AR

يعبر التوجه الاستراتيجي التركي تجاه العراق عن الاستجابة لتحديات الموقع الجيوسياسي الذي يفرض على تركيا الاهتمام بالاعتبارات الإقليمية المحيطة بها كمصدر تهديد لأمنها القومي أو لإقامة علاقات اقتصادية أو كمجال للحركة و النفوذ الإقليمي.

و بالاستناد إلى ذلك حددت تركيا عناصر استراتيجيتها تجاه العراق بتحقيق أهداف مركزية يقع في مقدمتها الأمن الجيوسياسي، و ضمان الأمن الاقتصادي.

حيث تنطلق هذه الأهداف من إدراك تركيا لحجم الاختلال الذي نتج عن تغيير مكانة العراق في المعادلة الإقليمية بعد عام 2003.

و ما ترتب على ذلك من تغيير في هيكلية التوازنات الاستراتيجية و مسار التحالفات التي كانت قائمة.

لذا فقد تحددت توجهات الاستراتيجية التركية في اتباع مسار المشاركة في ترتيب الوضع العراقي بغية تحقيق قدر من التأثير الذي يسهم في ضمان مصالحها، و حماية المكتسبات التي تحققت بالنسبة لها.

و هذا أن تحقق يمنح السياسة الخارجية التركية قدرة استثنائية على المناورة، إلى جانب التحرك صوب العراق من منطلق سياسة متعددة المسالك و الأبعاد.

و الحقيقة أن التحرك التركي تجاه العراق قد اخذ أشكالا متعددة منها المرن و الثابت و هذا التحرك في الأساس ليس طارئا و لا هو مجرد رد فعل لضغوط معينة، و لكنه منهج سياسي مدروس ينطلق من رؤية استراتيجية واضحة المعالم و واسعة الأفق، استهدفت بالأساس الإفادة من الوضع الجديد في العراق و المشاركة في صياغة و ترتيب الأوضاع فيه انطلاقا من مكانتها الإقليمية و تأثيرها السياسي و فاعلية استراتيجيتها التي تقوم على محاكات الوقائع و توظيف التغييرات لصالح أهدافها العليا.

و لا تقتصر أهمية هذه الدراسة في كونها تعالج موضوعا مركبا تمتزج فيه عوامل عديدة حكمت بقد محدد نوعية التحرك التركي إزاء العراق، بل أن هذه الدراسة تمهد لدراسة ملامح البعد المستقبلي إدراك تركيا لأحد أهم امتدادات عمقها الاستراتيجي متمثلا بالعراق في مرحلة تمر فيها منطقة الشرق الأوسط بحالة من عدم الاستقرار و تحولات كبيرة من شانها أن تسهم في إعادة صياغة البيئة الإقليمية و شكل العلاقات بين أطرافها.