تركيا و خيارات المستقبل الاستراتيجية

الملخص AR

تعتبر تركيا مثالا بارزا في إعادة رسم إستراتيجيتها، تلبية لمتغيرات معادلة مغادرة الأطراف و الاستقرار ف مركز الأحداث، و هذا ما يلاحظ من خلال تنامي الدور التركي المستند إلى نظرية "العمق الإستراتيجي"، التي تعتبر أن الموقع الجيواستراتيجي لتركيا و تاريخها يشكلان دافعا أساسيا نحو التحرك الإيجابي في الاتجاهات كافة، خصوصا جوارها الجغرافي، لاعتبارات إستراتيجية يشكل الحفاظ على الأمن و إعادة الدور المحوري الإقليمي لسابق عهده مصلحة عليا لها.

و إن التطورات الجوهرية التي شهدتها الجمهورية التركية منذ وصول حزب العدالة و التنمية إلى الحكم في العام 2002م، و المتغيرات الإقليمية و الدولية التي شهدتها المنطقة، و شهدها العالم، أسهمت في وضع تركيا أمام خيارات استراتيجية، تتأرجح ما بين غياب و عزلة عن عالم عربي و إسلامي يرتبط جغرافيا و تاريخيا، و بين تعنت و رفض أوربي لا يقبل بها أو بمشاركتها، و لكنه يخشى تركها و انفلاتها.

فما كان من تركيا إلا أن اختارت عمقها الإستراتيجي مع الإبقاء على حبل الود موصولا مع غربها الأوربي.

و تبنت تركيا سياسة اقتصادية أسهمت في زيادة معدلات النمو الاقتصادي، كما ساعدها ذلك على عمل ترتيبات أمنية جديدة أسهمت في الاستقرار السياسي، خاصة ما يتعلق بسياسة " تصفير المشكلات " التي كانت إلى ماض قريب تؤرق السياسة الداخلية و الخارجية للجمهورية التركية.

و إن الفهم الناضج لدى واضعي الاستراتيجية التركية ساعد بشكل كبير على فهم هذه المتغيرات، و العمل على طي صفحات الماضي، ما ساعد على إنهاء حالات العداء التي كانت تشتعل على حدودها، و انطلقت بثقة عالية نحو العالي العربي و الإسلامي، أو ما يسمى الحديقة الخلفية أو العمق الاستراتيجي.