مفهوم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في القرآن الكريم : دراسة موضوعية

الملخص AR

يعطى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، بعدا حضاريا عميقا لهذه الأمة التي تشرفت بصفة الخيرية، و ذلك عند تطبقها لهذه القاعدة المهمة، فالمسلم الذي يفهم دينه على حقيقته يدرك تماما أن أهم الواجبات الملقاة على عاتقه يتمثل في التزامه بهذه القاعدة، و أن هذا الأمر واجب شرعي يتعلق عينا بذمة كل فرد من أفراد الأمة، لكن بالشروط و الضوابط التي يجب توفرها منه.

فالأمر بالمعروف و النهى عن المنكر من الصفات و الخصائص الذي يجب أن تتجسد في المسلمين الصادقين و تكون مظهرا من مظاهر سلوكهم الناتج عن صدق إسلامهم و إيمانهم و في هذا ما فيه من روعة و جلال.

و يتبادر لنا من فحوى الآيات و الحديث النبوي أن هذا الواجب مترقب على المسلمين جميعهم على اختلاف مراكزهم في المجتمع، مع ملاحظة هامة فيما يخمن الأجور العامة التي لها صلة بحياة المجتمع و التي لا يكفل النجاح فيها إلا بتضامن الجماعات، فهي التي تحتاج إلى حسن تقدير لما يجب و ما لا يجب، و ما يجوز و ما لا يجوز، ثم إلى ما يحتاج إلى حسن الاضطلاع بالواجب و المضي فيه يترقب واجب الأمور الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر فيها على الجماعات و المنظمات الاجتماعية.

فيما يتعلق بالأمور التي لا بت لها من الهيمنة و التنفيذ و القوة للحيلولة دون الشغب و الفوضى و الغيث في الأرض فسادا، أو حمل الناس على العمل النافع الذي فيه مصطلحة عامة و ردعهم عن العمل الضان يترتب هذا الواجب على من بيده السلطان.

أما فيما يخص، الأمور الأخلاقية و الخالصة الواضحة التي لا يخفى وجه الصواب و الحق و العرف الصالح و النفع و الخير و الخطأ و الباطل و الضرر و القز فيها، و لا ينجم عن القيام بالواجب نحوها من قبل الأفراد فوضى و لا مفسدة عامة، فهي مجال الأفراد أيضا إلى جانب الجماعات و السلطان.

فالمجتمع الذي بتناصح الناس فيه بالخير و يتناهون عن المنكر هو المجتمع القوي، الذي يتقدم إلى الأمام حسا، و ينتقل من خير إلى خير، و المجتمع الذي يأتي المنكر فيه كل إنسان على هواه، و يتركه الآخرون لما يفعل، هو المجتمع المنحل الذي يتقهقر إلى الوراء حتما، و ينتقل من ضعف إلى ضعف.