مشكلة الأسعار النفطية العالمية المعاصرة في ضوء العرض العالمي للنفط و آفاقه المستقبلية

الملخص AR

تشهد أسعار النفط ارتفاعا متزايدا على مستوى عالمي منذ أواخر عام 2004 و حتى الوقت الحاضر، فقد تجاوز سعر البرميل الواحد عن النفط الخام في منطقة بحر الشمال 140 دولارا، و هو في حالة تأرجح حول هذا السعر، و ذلك يشكل مشكلة اقتصادية دولية، لأن النفط و مشتقاته مواد استراتيجية ذات استعمالات متعددة في مجالات الحياة المختلفة.

من جانب آخر، فإن هذه المشكلة ذات ارتباط أمامي بالنسبة إلى البلدان الصناعية المتقدمة، و خلفي بالنسبة إلى البلدان النامية، و إن كان وقعها في هذه الأخيرة كبيرا، بسبب ضعف هياكلها الاقتصادية و تفاقم مشكلاتها المالية.

ففي الوقت الذي تضاعفت فيه الفوائض المالية النفطية في البلدان المنتجة للنفط، فإن البلدان النامية الأخرى تفاقمت فيها المشكلات الاقتصادية و المالية على وجه الخصوص، بفضل انعكاس ارتفاع أسعار النفط في اقتصادها المثقل بالاختلالات الهيكلية، أما البلدان المنتجة-و أغلبها ذات طاقات استيعابية محدودة-نقدا أخذت الفوائض النفطية المتحققة فيها تتسرب إلى البنوك في أمريكا و أوربا و كأن دورة جديدة (من البترو-دولار) قد ولدت ثانية، بعد الدورة الأولى الكبيرة أبان الصدمة النفطية في عام 1973.

و قد تمثلت الآثار الأولى لمشكلة ارتفاع أسعار النفط على مستوى عالمي، في ارتفاع أسعار السلع المصنعة في الدول المتقدمة، و المصدرة إلى البلدان النامية، و في انخفاض مستوى المساعدات التي تقدمها هذه الدول، و كذا الحال بالنسبة إلى قروض صندوق النقد الدولي و البنك الدولي.

و كأن العالم المتقدم بهذه المواقف يصدر أحكاما جماعية على البلدان النامية بسبب أن عددا محددا منها ينتج النفط.

و قد تجلت تلك الأحكام في انخفاض القروض الميسرة إلى البلدان النامية، و زيادة الحماية بوجه منتجاتها، و تشديد المشروطية المتبادلة في سياسة كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي إزاء البلدان المحتاجة إلى مساعداتها.

بعد أن أخذ تعاملها مع البلدان المتقدمة و النامية يقوم على الكيل بمكيالين، و هذا ما ساعد في اتساع الهوة بين دول الشمال و دول الجنوب، و زاد من فاعلية المصارف الخاصة المتخطية للتوجهات، و في ظل ذلك كله تفاقمت مشكلات المديونية الخارجية في البلدان النامية.

و في هذا الاتجاه، تتجسد مشكلة البحث في أن الأسعار النفطية المعاصرة آخذة في التفاقم في ظل العرض العالمي للنفط، و آفاقه المستقبلية، و أن البحث ينطلق من فرضية مفادها، أن الأسعار النفطية القائمة هي جزء من مشكلة العرض العالمي للنفط، في وقعه المعاصر و آفاقه المستقبلية و كذلك أثر السياسات الدولية.

أما هدف البحث فيسعى إلى استجلاء البحث و بيان محدداتها، لاستقطاب إمكانية إثبات فرضية البحث.