مظاهر الحجاج في أخبار أبي تمام لأبي بكر الصولي (ت 335هـ)‎

الملخص AR

شهد تراثنا النقدي العربي تراكما قرائيا ضخما و متنوعا في المقاربة و الإجراءات النقدية، و ذلك بعد تخطيه حدود الشفاهية، و مغادرته إياها إلى رحابة الفضاء الكتابي الذي حفل بأنماط مختلفة من القراءة، مهدت لنشأة و سيادة خطاب نقدي مواز للخطاب الأدبي آنذاك.

و لا زال تراثنا العربي يزخر بالمواد الحية التي تفجرها النصوص المختلفة فيه، التي تعد صالحة للمقاربات النظرية، مع ما تقدمه الدراسات اللسانية الحديثة من أدوات و تقنيات يمكن من خلالها تسليط الضوء على زاوية من زوايا النص التراثي، و تتيح فهما معاصرا له يراعي طبيعته و خصوصية انتمائه.

و من منطلق الاعتناء بذلك التراث، و تلمس نماذج احتفاء نقدنا القديم بالنصوص التي حركت سكونه في مراحل معينة من تاريخه ؛ حرصت هذه الدراسة على استنطاق تمظهر خطي من تلك المدونة الكبيرة، أعاد مؤلفه كتابة التراث و اقترن معه بعلاقة من نوع خاص يختلف عما كان سائدا، ففي ((حالة الأداء الشفاهي في إطار المجتمع قبل الكتابي فإن ما يحدد توقع الجمهور و تقييمه للأداء هو مدى علاقته بالتراث))، و المؤلف هو أخبار أبي تمام لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي (ت 335 هـ)، حيث اضطلع المؤلف بدورين، الأول معلن و صريح، أما الآخر فهو ضمني ثاو في الأخبار التي ساقها الصولي في الدفاع عن أبي تمام، حيث اتخذ ذلك الدفاع منحى حجاجيا في مكوناته اللغوية و منطلقاته و عناصره و تسلسلها المنطقي، و ما تنطوي عليه من محتوى إخباري يسهم في استدراج المخاطب بغية استمالته و من ثم إقناعه، و هي المظاهر التي ستسعى الدراسة إلى استجلائها آنفا.