يفتاح الجلعادي و عنترة بن شداد بين الاضهاد و المعاناة

الملخص AR

كانت مأساة يفتاح الجلعادي متمثلة في أمه و ابنته إذ كان-كما يروى العهد القديم-ابن امرأة زانية و انكره أبوه و لم يعترف به إلا حين أغارت عليه قبيلة بنو عمون عندها اعترف به من أجل الزود عن حياض بني إسرائيل، أما ابنته فكانت مأساته الكبرى و معاناته الأليمة إذ أوجب على نفسه نذرا إن هو الحق الهزيمة ببني عمون فأول من يقابله من أهله بيته سيجعله ذبيحة للرب و انتصر و قابلته ابنته وحيدته و كان لزاما عليه أن يفي بنذره.

و كان هذا حال المرأة عند بني إسرائيل فهل اختلف وضعها عند عرب الجاهلية أم أن الصورة كما عهدناها في الأمم الغابرة لا كيان لها و لا وزن ؟ على الرغم مما حظيت به المرأة في العصر الجاهلي من إعزاز الرجل لها و حبه لها و الهيام بها و الوقوف على رسم ديارهم بل إننا وجدنا بعض الشعراء قد انتسبوا إلى أمهاتهم مثل شبيب بن البرصاء و ابن ميادة و منظور بن حبة و ابن زيابة التيمي و السليك بن السلكة إلا أننا وجدنا نظرة أخرى على النقيض تماما، فقد كان بعضهم إذا رزق بمولودة اقدم على أدها مخافة الفقر أو العار، و عانت المرأة آنذاك كراهية جنس النثى و تفضيل الذكران على الإناث و كانوا يستولدون السبايا، و لكن لا يلحق نسب الولد بأبيه إلا إذا ادعاء، و لذا كان من مفاخر الرجل أن أمه حرة نسيبة لا سبية جليبة، فغذا كانت أمه أمة افتخر بما يعوض نقصه، فمثلا كانت أم عنترة حبشية سوداء فأكثر من الفخار بشجاعته بدلا من فخاره بأمه و أخواله.

فهو هنا في مأساة حقيقية إذ نبذته لأنه ابن الأمة السوداء فعاش الاضطهاد بكل الوانه، كما أنه عانى من حبه لعبلة فعاش مأساة أخرى شغلت حياته و ملأت السمع و البصر.