تحديات نظرية و ممارسة النقد المسرحي أل (ما بعد كولونيالي)‎

الملخص AR

يعد النقد الـ (ما بعد كولونيالي) من أحدث الاتحاهات النقدية المعاصرة التي برزت بعد انهيار الإمبراطوريات الاستعمارية الكبرى، وأهمها الإمبراطورية البريطانية، وانحسارها منذ منتصف القرن العشرين، وارتبط مفهوم ما بعد الكولونيالية بكتابات المفكر العربي إدوارد سعيد ولا سيما كتابه الاستشراق (orientalism) ؛ إلا أن هذا الاتجاه لم يكن نقدا دراميا أو فنيا للشعر أو المسرح أو السينما أو الفن التشكيلي الذي يعبر عن الموقف الرافض للكولونيالية بشتى أشكالها فيما يعرف بما بعد الكولونيالية التي أتت لتقوض وتفكك الكولونيالية وتشتبك معها وتبطلها في الدوائر السياسية والتاريخية والثقافية وأهمها المسرح ويقوم الباحث هنا على دراسة التجارب النقدية لمسرح ما بعد الكولونيالية التي تعد فرصة تاريخية لإلغاء مفهوم المركز/ الأطراف/ المناهج النقدية المنتجة أوروبا/ التطبيقات الآلية والمشوهة أحيانا من الآخر في العالم الثالث؛ حيث تكون التجربة الإبداعية والتنظير لها حالة كونية عالمية تفسح الآفاق الرحبة للمساهمة النقدية الفعالة بتعددية للآراء لم يسبق لها مثيل في التاريخ النقدي للنص أو للعرض المسرحي .

ويواجه النقد الـ (ما بعد كولونيالي) عدة تحديات، منها توجه الدراسات النقدية لمسرح ما بعد الكولونيالية للنقاد الغربيين بسبب مواقفهم من جوهر عروض هذا المسرح على أنها مجرد خيانة للتراث الشكسبيري والغربي.

وكذلك، فإن مراوغة الكلمة وعناصر العرض الاحتفالي والمسرحي تبقى إشكالية حقيقية للنقد الـ (ما بعد كولونيالي)، ويعاني النقد المسرحي لما بعد الكولونيالية اتساع رقعة الأقاليم والبلدان التي تقدم هذا النوع من العروض المسرحية، وهذا ما يشكل تحديا للناقد المسرحي والباحث في مجال الدراما فيقوم بعملية مسح ورصد لمجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية محاولا إحصاءها وتقديم نبذة عنها بدلا من تحليلها ودراستها بشكل علمي ومنهجي وفق المناهج النقدية المعاصرة؛ فلم تعد العلاقة الإبداعية فنيا ومسرحيا ونقدا أدبيا أحادي الاتجاه يتحرك من المركز الغربي بمذاهبه الفنية ومناهجه النقدية إلى الأطراف والآخر (المستقبل) أو بالأحرى المستهلك لهذه التجربة أشكالها ومفاهيمها ومصطلحاتها النقدية، ولعل هذا هو أهم التحديات للنقد المسرحي والدرامي لنصوص وعروض مسرح ما بعد الكولونيالية .