علم الكلام عند تاج الدين السبكي و دلالاته الفكرية

الملخص AR

يتبين لنا من خلال تحليلنا موضوع "علم الكلام عند تاج الدين السبكي و دلالاته الفكرية” ان ما يسمى بعلم الحجاج عن العقائد على نحو من الاشعرية هو علم معقد المحتوى يحمل تناقضات الفرق و المذاهب السائدة من أشعرية و كرامية و مجسمة و غيرها ، و أن السبكي استخدم هذه التناقضات لخدمة الاشاعرة و الطائفة الاشعرية.

و يلاحظ أن السبكي في تراجمه التي خصصها عن الشافعية كان متحمسا في الدفاع عن الأشعرية و لمواقفهم الكلامية بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية كشافعية من هذه الوجهة يناقض السبكي شيخه الذهبي و إن حاول صاحب الطبقات هذا أن يظهر نفسه للقراء مظهر الحياد في مسائل الخلاف و استعطافهم للأشعرية حتى يظهر أن الذهبي رغم منزلته يظل لا يعول عليه في تهجمه على الأشاعرة بعكس ابن عساكر الذي يظهر موقفه و تعصبه للأشعرية واضحا من خلال تحيزه المعلن لأبي الحسن الأشعري فى مصنفه المسمى "تبين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام ابي الحسن الأشعري" ، أما عبد الغافر فعلى عكس الاثنين لا يظهر اهتمامه لهذه المسائل المنطقية من التعصب و المبالغة أثناء تقديم تراجمه عن النيسابوريين رغم كون المصنف شافعي اشعري في المسائل و الأصول و هو ما يثير موضوع المصداقية لدى تاج الدين السبكي .

يبدي تاج الدين السبكي موضوع المصداقية بشان تراجمه للأشعرية أهمية منهجية بالغة و يهتم بروايات ما يترجم له كثيرا حتى أنه يحرمن تمام الحرص على إدراج كل ما يتوفر لديه من معلومات تحت تصرفه حتى يظهر المترجم له بلون المصداقية التي يستحقها كشافعي - اشعري .

و في هذا السياق يقدم السبكي في حقيقة الأمر الواقع بمعلومات ليست ذات مصداقية تماما لاسيما عند تعرضه لاتهامات الذهبي عن رجالات الاشعرية من أجل هذا يتطلب منا أثناء الانغماس بالعمل الكتابي من التعامل بحذر شديد مع نصوص هذه التراجم من السبكي و خلفياتها من أجل التوصل إلى رجحانها و مصداقيتها المنشودة ٠ و الحقيقة أن السبكي قدم لنا معلومات مهمة عن شخصيات و شيوخ للمترجم له من الأشاعرة خاصة و أنه السبكي عند التعامل مع هذه التراجم في وقت نعلم تماما أن السبكي جاء بهذه النصوص تحت ترجمة المترجم له لإظهار مناقب و محاسن رجال الاشعرية هذا و مآثره فيما يعمل على النقيض من ذلك بالكتابة لمن كان ينسب لغير الاشعرية من اتهامات و وقيعة.

ويلاحظ على السبكي في مصنفه طبقات الشافعية الكبرى وجود تراجم يغلب عليها صفة الأشعرية و التحمس اللامحدود للأشاعرة و الأمثلة فى ذلك كثيرة، يكفي الإشارة هنا مثلا إلى ترجمة الوزير نظام الملك و أمام الحرمين الجويني و غيرها من التراجم الشافعية الاشعرية اذا يلجا فيها السبكي إلى التغطية بأسلوب ادبي انشائي في سبيل إظهار محاسن و مآثر المترجم له بلا قيد او شرط.