دور مراكز الأبحاث و الفكر في صنع القرار السياسي و رسم السياسات العامة في العراق

الملخص AR

تعد مراكز الأبحاث و الدراسات ظاهرة عالمية و فاعلا اساسيا في عملية صنع القرار و اعداد السياسات العامة للدول و خاصة في المجتمع الغربي.

فالبحث العلمي يعد من أسمى النشاطات التي يمارسها العقل البشري فهو جهد منظم من الانتاج الفكري الذي يهدف الى صناعة الحياة و تحقيق التطور و النهضة و العمران و بناء المستقبل.

اذ أنه من المعروف ان تقدم الامم و نهضتها الحضارية مرهون بعدة متغيرات يأتي في مقدمتها رعايتها و اهتمامها بتطوير البحث العلمي.

لقد أدت و تؤدي مؤسسات الفكر و الراي think – thank دورا بارزا في صياغة السياسة الخارجية للدول المتقدمة بشكل عام وللولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص و قد كان لهذه المراكز دور بارز و أساسي في كثير من قضايا السياسة الخارجية الأمريكية في عموم الشؤون الدولية.

و هو ما جعلها في نظر بعض المتابعين بمثابة الخطوط الخلفية للبيت الابيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية وغيرها من المؤسسات الفاعلة في توجيه دفة الاستراتيجيات الأمريكية في العالم.

و يمكن القول أن الدور الأساسي المنوط بهذه المراكز يتمحور حول تحليل الواقع المعاش انطلاقا نحو تقديم رؤى مستقبلية من اجل النهوض بواقع جديد او تطوير الواقع الحالي الى مستوى أفضل بما يخدم أهداف و مصالح الدول العليا وأمنها القومي، و هو ما دفع بعض المفكرين و الساسة إلى تسمية هذه المراكز بخزانات التفكير، او مستودع الافكار Think Tanks، وهي تسمية ذات دلالات تعكس الواقع الفعلي لتأثير هذه المؤسسات على عصب صنع القرار في بلدان العالم لا سيما ما يسمى بالعالم المتقدم.

في الوطن العربي فأن اللافت للنظر ان مراكز الأبحاث فيها كانت في المدة الماضية مجهولة الدور و الوظيفة، و لم تكن تملك اي دور ثقافي و من ثم سياسي، و على الرغم من ذلك، فقد فرضت ظاهرة مراكز الابحاث و جودها، و اتسع نشاطها، و زاد حراكها عربيا.

و الأمر نفسه ينطبق على مراكز الابحاث ودورها في العراق، فلم يكن لها اي دور يطلق قبل عام 2003، وان كان ما زال دورها ضعيف جدا بعد عام 2003 مقارنة بنظيراتها في بلدان عربية اخرى و من ثم عالمية.

و هذا ما سوف نتناوله في هذه الدراسة التي تنقسم الى ثلاث مباحث رئيسة في المبحث الاول نشير الى مفهوم مراكز الابحاث و تطورها التاريخي، وفي المبحث الثاني انواع مراكز الابحاث ودورها في الدول اما في المبحث الثالث فسوف نتناول مراكز الابحاث في العراق ووضعها القانوني واهم التحديات التي تحد من عملها.