تحليل إشكاليات الخطاب السياسي المؤسسي و تجاوز التحديات الراهنة في العراق

الملخص AR

يمتد إرث الخطابات السياسية على المستوى الرسمي وغير الرسمي لعقود طويلة سيما منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة، و قد اختلف شكل و مضمون الخطاب السياسي بحسب شكل النظام السياسي الحاكم و طبيعة ثقافة الطبقة السياسية الحاكمة التي تولت المسئولية على اختلاف مراحلها التاريخية في العراق المعاصر.

وفي مرحلة من مراحل التطور التاريخي للخطاب السياسي الرسمي المؤسسي تحولت خطابات السلطة الحاكمة آنذاك إلى مركزية شديدة سيما بعد عام 1968 بفعل تسيّد نظام الحزب الواحد لأكثر من ثلاث عقود، مع تزايد سقف الطموحات السياسية بشكل لا يتناسب و الامكانيات المتاحة مقارنة مع مضمون و محتوى توجه الخطاب السياسي الرسمي للسلطة الحاكمة و قتئذ، و الذي حاول بشتى الوسائل إضعاف الخطاب السياسي للقوى الوطنية في كل مرحلة من مراحل نضالها السياسي.

مما أدى بالنظام الحاكم إلى اعتماد منهجية غير مسبوقة في الاستبداد و التسلط في الحكم كي تضاف إلى قسوته و بطشه بعدا آخر يتمثل في تسخير موارد الدول كافة من أجل توجيه خطاب سياسي أعلامي واحد يعكس فلسفة نظام حكم الفرد المستبد حصرا.

و لكن طبيعة الواقع السياسي بعد عام 2003 فرضت عليه أنماط جديدة من الخطاب السياسي بسبب التحول نحو الديمقراطية عام 2003، ناهيك عن ظهور تحديات خطيرة فرضت نفسها على الواقع الجديد الذي جاءت به الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها و التي عكست رؤية الدولة المحتلة للعراق وفقا للقرارات الأمم المتحدة التي خولتها مسئولية ذلك، مع استمرار تصاعد ضغط الخطاب السياسي الرسمي سيما المؤسسي الذي تمثله الدولة و تناغمه مع طموحات و أهداف الخطاب الشعبي العام، الذي عكس موقفا رافضا للرؤية الأحادية التي جاءت بها الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها عندما صاغت خطاب الهيمنة و السيطرة و التحكم على العالم بحكم قوتها التكنولوجيا و العسكرية في عالمنا المعاصر.

لذا فإن منتظمات الخطاب السياسي المؤسسي المعاصر يعتمد اليوم على صياغة رؤية جديدة للتعاطي مع المتغيرات الداخلية و الإقليمية و الدولية التي باتت على المحك، سيما في مرحلة ما بعد الانتصارات التي حققتها المؤسسة العسكرية العراقية بجميع تشكيلاتها و أجهزتها، بمعنى العمل على إيجاد وسائل جديدة من شأنها أن تضيف إليها القدرات المُضاعفة من أجل محاربة و مكافحة ظاهرة الإرهاب الدولي و فكره التطرف و التشدد التي باتت تهدد وجود المجتمعات (خطر التنظيمات الارهابية المسلحة و منها تنظيم (داعش) الإرهابي في جميع دول العالم).

من هنا بدأت الرؤية العراقية تتضح بخطاب سياسي مؤسسي فاعل تقوده عملية واضحة استطاعت أن تفهم مجريات الأحداث المحلية و الإقليمية و الدولية، ليجري العمل حاضرا و مستقبلا في استثمار ثورة تكنولوجيا الاتصالات و المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي و ما سواها من أجل توجيه خطاب سياسي و اجتماعي ناضج مؤسسيا و متوازن وضامن عمليا للأمن و الاستقرار في حياة الشعوب و الأوطان في دول العالم أجمع.