الأصالة و المعاصرة في الفكر الاجتماعي العربي

الملخص AR

لقد تأثر الفكر الاجتماعي العربي المعاصر بمؤثرات تراثية عربية أصيلة و بأفكار و منطلقات نظرية و منهجية مشتقة من الخارج، كما أن طروحاته و موضوعاته و أطره النظرية و المنهجية و التطبيقية كانت أما تجسد الواقع العربي و ما يتسم به من مزايا منفردة و خصائص ثابتة، أو تنقل نقلاً حرفيا و تطبيق المنقول على المجتمع العربي دون النظر أو التفكير بملائمة ما يطبق من أفكار و طروحات على الواقع العربي و مرحلته الحضارية التاريخية الخاصة ؛ لذا تميز الفكر الاجتماعي العربي المعاصر بصفتين أساسيتين هما : الأصالة التي يحرص عليها بعض المفكرين الاجتماعيين العرب و التغريب القائم على التقليد و المحاكاة و الاقتباس الذي يعبر عن نفسه بوضوح في كتابات الكثير من الباحثين العرب.

تأثر علم الاجتماع العربي المعاصر بالتراث الاجتماعي العربي و أدبياته و تجسد في الكتب و الأبحاث و الدراسات التي نشرها علماء الاجتماع العرب و كذلك طرق التدريس و مناهج البحث المعتمدة في الجامعات العربية و مراكز البحوث العربية المحلية منها و الإقليمية.

إن أغلب علماء الاجتماع في الوطن العربي متأثرون بتعاليم ابن خلدون الاجتماعية و نظرياته و فلسفته التي تدور حول أهمية فلسفة التاريخ في فهم حقيقة المجتمع البشري و حقيقة تحوله من شكل لآخر، و تهتم بدراسة أوجه الشبه بين الحقائق الموضوعية و القيم الذاتية، أي : التزام الباحث بالحقائق و ابتعاده عن القيم و عدم إدخال أهوائه و نزعاته و ميوله و اتجاهاته في دراساته العلمية طالما أن القيم و الأهواء و النزعات الذاتية تفسد الحقائق العلمية و تسئ لها و تشوه جوهرها، كما تأثر علماء الاجتماع العرب بالفلسفة الاجتماعية و السياسية عند الفارابي و لا سيما ما يتعلق منها بتصنيف المجتمعات تبعا لحجومها وقيمها و ممارسات أفرادها، و الأسس الفلسفية التي يعتمد عليها الاجتماع الإنساني، و أصل نشوء المجتمع الإنساني و أنماط تحوله من طور إلى آخر، فضلا عن آراء الفارابي و طروحاته عن القيادة من حيث مفهومها و صفاتها و وظائفها و أنواعها.