المداراة الدعوية : مفهومها و معالمها و أهميتها في تأليف قلوب المدعوين

الملخص AR

الدعوة إلى الله عز وجل وظيفة الأنبياء و الرسل و أتباعهم الذين أمروا بتبليغ دين الله و مخالطة عباد الله فلذلك كانت الحاجة ماسة إلى رصيد من السلوك و الأخلاق كبير يحمي الداعية به نفسه و دعوته و يتألف به قلوب المدعوين من الأقربين و الأبعدين كالملاطفة و البشاشة و طلاقة الوجه و حسن المعاشرة و الصبر على الأذى و غض الطرف و التودد بطيب الكلام و حسن الفعال مع الجميع بلا استثناء تأليفا لقلوبهم في الدين و ترغيبا لهم في الخير و اتقاء لشرهم المتوقع و هذه الأخلاق كلها وغيرها تدخل في باب عظيم من أبواب السلوك و هو مايسمى بــ " المداراة " فالأعداء و الأصدقاء على حد سواء بحاجة إلى المداراة لأنها من الأخلاق المهملة عند البعض رغم أنها من أقوى أسباب تأليف قلوب المسلمين و دفع شر أعداء الملة و الدين يقول الله تعالى: ((فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم و استعفر لهم و شاورهم في الأمر.

.

.

.

))(1).

و الداعية الفقيه البصير بأمر دعوته يتصدى لدعوة الناس و يلاقي في سبيل ذلك كثيرا من العنت و الأذى و يقابل من الصدود و الإعراض ما قد يحمله على المواجهة و ترك المداراة والأولى أن لا يفعل ذلك بل الواجب الشرعي و الفقه الدعوي يلزمه بمداراة المدعوين و تأليف قلوبهم و عدم الإغلاظ عليهم و عدم مكاشفتهم و مواجهتهم بما لايحبون وأن لا يظهر العداء و البغض لأنه يريد إصلاحهم و هدايتهم.

و هذا التخلق بالمداراة باب عظيم وفقه دقيق له مفهوم و معالم و دلالات و قبل ذلك له أصول و منطلقات و أهمية و مشروعية نحتاج إلى بيانها و التأصيل لها و التفصيل فيها ما أمكن تحت عنوان: ( المداراة الدعوية: مفهومها و معالمها و أهميتها في تأليف قلوب المدعوين) وجاء البحث من فضل الله تعالى مختصرا في ثلاثة فصول على النحو التالي: الفصل الأول: في مفهوم المداراة الدعوية و أهميتها و تمييزها عن غيرها الفصل الثاني: في مشروعية المداراة الدعوية و مكانتها من خلال النصوص الشرعيةالفصل الثالث: في معالم المداراة الدعوية و أهميتها في الدعوة إلى الله تعالى وفي كل فصل من هذه الفصول الثلاثة ما تيسر من المباحث و المطالب و الفقرات ذات العلاقة.

(1) سورة آل عمران الآية (159)