من الأسرار البلاغية للمحذوف في القرآن الكريم

الملخص AR

إنه من المقرر: أن القرآن الكريم هو معين البلاغة الذي لا ينضب، و ينبوعها الذي لا يجف، عكف عليه جهابذة العربية من نحاة و بلاغيين أربعة عشر قرنا من الزمن ، فما زادهم النظر في آياته إلا تسليما بسمو بيانه و روعة أسلوبه، و أنه ليس بقول بشر، و أنه يعلو و لا يعلى عليه.

من ادعى أنه حصل منتهى بلاغته كذب، و من خال أنه غاص على أعمق معانيه جهل.

]كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير[ و لما كان القرآن الكريم أوثق نص لغوي، فقد حرص علماء العربية أن يجعلوه للغتهم إماما يتخذون من آياته البينات شواهد و براهين على صدق القواعد التي يبنونها و الأصول التي يرفعونها لهذه اللغة الشريفة، و من هنا فقد كثرت في كتب النحاة أولا و كتب البلاغيين ثانيا الشواهد القرآنية ، و ما كانت نفوسهم لتطمئن بالشاهد اللغوي اطمئنانها بالآية من الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه.

و لقد تهدى علماء العربية و هم يبحثون في قواعد اللغة و أصولها إلى ظاهرة الحذف في لغة العرب، و الحذف من أبواب العربية الواسعات التي اجتمع النحويون و البلاغيون و المفسرون على العناية بها، و هو باب دقيق المسلك ، لطيف المأخذ، عجيب الأمر ، شبيه بالسحر، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، و الصمت عن الإفادة أزيد للإفادة.

و من ثم أردنا أن نبحث في هذه المقالة عن الحذف في القرآن الكريم و أسراره البلاغية الرائعة.