المعايير المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية للهجمات المسلحة في القنوات الفضائية

Abstract AR

اهتمت الدراسة الحالية برصد المعايير المهنية الحاكمة للتغطية الاخبارية للهجمات المسلحة في القنوات الفضائية المصرية و العربية و طبيعة تأثير هذه المعايير على القائمين بالاتصال و انعكاس ذلك على المادة الاخبارية لجمهور في ظل اختلاف السياسات التحريرية وفق نمط الملكية للخروج بدلالات عن كيفية تأثير بيئة العمل الإعلامي على أداء القائمين بالاتصال وذلك في إطار مدخلي الممارسة المهنية و إدارة الصراع وتم تطبيق دراستين كيفية وكمية تمثلت الدراسة الكيفية في المقابلات المتعمقة مع مجموعة من القائمين بالاتصال (26 مفردة) من مديري تحرير و رؤساء تحرير و مراسلين و محررين و مذيعي أخبار في ثلاث قنوات فضائية اخبارية هي النيل للأخبار و اكستر نيوز و الغد و تمثلت الدراسة الكمية في تحليل مضمون عينة من نشرات الاخبار في القنوات الثلاثة خلال الفترة من أول يناير 2017 حتى نهارية يونيو 2017 وذلك في ضوء تصاعد وتيرة الهجمات المسلحة و اتساعها لتشمل معظم دول العالم وفي ضوء ما تشغله هذه الهجمات من موقع متميز ضمن اهتمامات وسائل الاعلام بصفة عامة و القنوات الفضائية الاخبارية بصفة خاصة.

و يمكننا استعراض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة على النحو التالي: - تقاربت إلى حد كبير نتائج المقابلات المتعمقة بين القائمين بالاتصال في القنوات الثلاثة محل الدراسة سواء المصرية الحكومية أو الخاصة أو حتى العربية فلم يكن هناك اختلاف في المعايير المهنية الحاكمة للتغطية الاخبارية للهجمات المسلحة بينهم و هذا قد يعود الى أنهم يعملون من داخل مصر و يبثون باستثناء قناة النيل للأخبار من داخل مدينة الانتاج الإعلامي كما أن نمط ملكية هذه القنوات يتوافق مع توجه الدولة و يسعى لمساندتها و هذا ما أكده القائمون بالاتصال.

-انعكست قناعات القائمين بالاتصال في القنوات الثلاثة بالمعايير المهنية في التغطية الاخبارية للهجمات المسلحة على أدائهم الفعلي و ما يقدمونه في محتوى الرسالة الاعلامية الموجهة للجمهور وذلك باختلاف أنماط ملكية القنوات و بالتالي اختلاف السياسة التحريرية فتوحدت معايير الأداء المهني التي ركز عليها القائمون بالاتصال في المقابلات المتعمقة مع المعايير المتحققة في تغطية الهجمات المسلحة في نشرات الاخبار و هذا فيما يتعلق بمعايير الدقة أو التوازن أو الموضوعية أو الشمول أو العمق أو الوضوح.

-تقاربت إلى حد كبير معايير بث اخبار الهجمات المسلحة في نشرات اخبار القنوات الثلاثة محل الدراسة وجاءت هذه المعايير متوافقة مع متطلبات و خصوصية المرحلة الراهنة و الظرف السياسي و الأمني الذي تمر به مصر و الكثير من دول العالم و مسئولية الاعلام تجاه مثل هذه الاحداث فكان مراعاة الصالح العام و المحافظة على الأمن القومي من أهم المعايير التي تحكم التغطيات الإخبارية إيمانا بالمسئولية الاجتماعية نحو المجتمع.

-السياسة الاعلامية للقناة المحددة وفق نمط ملكيتها تتحكم دوما في طبيعة التغطية وهي أقوى المعايير المؤثرة على الأداء المهني و المعلومات التي تتعارض معها لا يسلط عليها الضوء وهي عامة لا تخرج عن الإطار العام للدولة التي تملكها أو تبث من اراضيها سواء في الأحداث الداخلية أو الخارجية.

-ركزت القنوات الفضائية الاخبارية على تغطية الهجمات المسلحة و تطورات الحدث و الاطراف المشاركة فيه و لجأت للضيوف المتحدثين للشرح و للتفسير و أعدت تقاريرا إخبارية ذات مهنية عالية وذلك من أجل تحقيق التميز في التغطية و لكنها أغفلت معايير مهنية كالتوازن و التحقيق و عمق التحليل بسبب قلة المصادر التي يتم الاعتماد عليها مما أدى إلى ضعف الرؤية التي تساعد الجمهور على اتخاذ موقف يبقى عالقا في الذاكرة بعد انقضاء الحدث و هذا عائد لطبيعة هذه الهجمات و مسئولية الاعلام تجاه المصلحة العامة وفق متطلبات المرحلة الحالية و أهمية التضافر مع الجهات الأمنية لحفظ و استقرار المجتمعات و مواجهة العنف و الارهاب.

-تعد البيانات الرسمية للأجهزة الامنية هي أبرز المصادر التي تعتمد عليها القنوات الفضائية عند تغطية الهجمات المسلحة داخل مصر من منطلق أن الهجمات المسلحة لا يمكن اعتبارها قصة خبرية كغيرها من القصص لارتباطها بالأمن القومي الذي يتطلب اصطفاف وسائل الاعلام مع الأجهزة الأمنية لحفظ الأمن و الحرب على العنف و الارهاب.

-لا يوجد بالقنوات محل الدراسة Style book دليل ممارسة مهنية يتضمن نمط المعلومات التي يتعين بثها أو تجنب بثها مع تحديد طرق توظيف المصطلحات و المفردات اللغوية ومهنية عرض الصور كما لا توجد بالقنوات مدونة سلوك إعلامي للعاملين بها تهتم بالسلوكيات الواجب مراعاتها في العمل أو بمنظومة القيم المهينة التي تحكم أداء القائمين بالاتصال مثل حق الجمهور في المعرفة و مراعاة الصالح العام إنما تنقل الرؤى و الخبرات من جيل لآخر داخل القناة.

-أخبار الهجمات المسلحة لها أولوية مطلقة في التغطية بالمقارنة بغيرها من الاخبار لأنها ذات صلة بالأمن القومي و تهم أعدادا كبيرة من الناس و تحمل جانبا إنسانيا مؤثرا أما الهجمات المتكررة خارج مصر مثل ما يحدث في سوريا و العراق فلا تكون في صدارة النشرة.

التصور المستقبلي لتحقيق كفاءة التغطية الإخبارية للهجمات المسلحة: في ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة حول المعايير المهنية الحاكمة للتغطيات الإخبارية للهجمات المسلحة في القنوات الفضائية يمكن وضع تصور مستقبلي مقترح لتحقيق كفاءة التغطية يقوم على ما يلي: -أهمية إعطاء مساحة أكبر من الحرية في تناول الأحداث و القضايا القومية و الإقليمية و الدولية و عدم حجب المعلومات لأن حرية تداول المعلومات هي أساس انطلاق الإعلام العربي و السبب الرئيسي لكسب ثقة الجمهور مع أهمية عرض وجهات النظر المختلفة كما أن تأخر التغطية يفقد القنوات الكثير من جمهورها.

-أهمية وجود استراتيجية إعلامية محددة وواضحة و معلنة متفقة مع الصالح العام و الأمن القومي و اعتبارات المسئولية الاجتماعية في تغطية أخبار الهجمات المسلحة مع توفير الضمانات القانونية للإعلاميين بما يحقق التوازن بين حماية الأمن القومي و حق الجمهور في المعرفة وذلك بإيجاد آليات للتنسيق بين الجهات الأمنية ووسائل الإعلام في اتاحة تغطية هذه الهجمات المسلحة في مسرح وقوعها بحيث تجمع التغطية بين الحفاظ على سرية المعلومات الأمنية و اشباع حاجة الرأي العام للمعلومة الكاملة بتفاصيل الأحداث بوصفها أحداث ترتبط بأمنه و حياته و بهذه التغطية المتكاملة المتوازنة يتم السيطرة علي أي بيئة معلوماتية تقوم علي الشائعة أو الرؤية المبنية علي الشك و الريبة و إثارة الرأي العام.

- يجب صياغة دليل ارشادي يحدد و يفسر كيفية التغطية الأمثل للأحداث المختلفة في ظل تحديات تكنولوجيا الاتصال ووجود منصات شبكات التواصل الاجتماعي مع أهمية سرعة اصدار التشريعات الخاصة بحرية تداول المعلومات.

- الاهتمام بتطوير الأداء المهني و تنمية مهارات القائمين بالاتصال من خلال التدريب و التأهيل المهني و التكنولوجي و المعرفي و المعلوماتي بحيث تعمم تجربة video journalist في جميع القنوات بما فيها القنوات الحكومية.

-انشاء قاعدة معلوماتية إعلامية حول ظاهرة الإرهاب و العنف المسلح في القنوات الإخبارية المختلفة و العمل على تحليل تلك المعلومات بما يضمن توفر الخلفية المعلوماتية و اتباع أنسب الأساليب في التغطية حتى يتم محاصرة الإرهابيين إعلاميا و فكريا بجانب المحاصرة الأمنية.

-تدعيم قناة النيل للأخبار تحديدا بالمزيد من المراسلين و الإمكانات التكنولوجية و المادية من كاميرات متطورة ووحدات بث حتى تتم التغطية الفورية للأخبار بالإضافة للمزيد من المكاتب في جميع عواصم ومدن العالم الكبرى حتى تتم مشاركة العالم في تغطية الأحداث و لا تأخذ منه فقط دون تواجد حقيقي لتتم التغطية وفق رؤية القائمين بالاتصال كصناع للأخبار و ليس مستهلكين لها فحسب.