استقرار اسعار النفط. . ماذا يعني للمستقبل

Abstract AR

القى انتشار فيروس كورونا المستجد Covid-19 بضلاله على الاقتصاد العالمي، اذ تراجعت معدلات النمو الاقتصادي، و انخفض حجم التجارة العالمية، و تزايدت معدلات البطالة و شهدت أسواق المال العالمية اضطرابات حادة و حققت خسائر كبيرة جدا، تزامن ذلك مع ركود يعيشه الاقتصاد العالمي و حرب تجارية بين الولايات المتحدة الامريكية و الصين.

امتدت اثار تفشي الفيروس الى اغلب دول العالم و انكمش الطلب العالمي، وقد هزت المخاوف من تفشي الفيروس على نطاق واسع الاقتصاد العالمي، فانخفضت توقعات النمو الاقتصادي الى نحو النصف و تراجعت التجارة و اضطربت الأسواق المالية و تراجعت اغلب المؤشرات الرئيسة لها، و أعلنت منظمة العمل الدولية عن احتمال ان يكون هناك 25 مليون عاطل عن العمل، و أوضحت منظمة السياحة العالمية الى ان القطاع السياحي يخسر يوميا مليون فرصة عمل.

وقد سارعت المنظمات المالية العالمية و الدول المتقدمة لإطلاق مبادرات و برامج ضخمة (مالية و نقدية) لتحفيز و دعم اقتصاداتها عبر تخفيض أسعار الفائدة الى مستويات قريبة من الصفر و تقديم الدعم المالي و القروض و اتباع سياسات تيسريه لدعم النشاط الاقتصادي.

جلب فيروس كورونا معاناة بشرية و اضطرابا اقتصاديا كبيرا في مختلف أنحاء العالم، مما انعكس على انخفاض النمو العالمي مع انتشار الفيروس إلى مزيد من البلدان، انخفض سعر النفط بنحو كبير مع ضعف الطلب العالمي أكثر، وقد أدى إلى التأثير السلبي على الثقة و الأسواق المالية و قطاع السفر و السياحة و التجارة واوقف جميع مفاصل الحياة بشكل يكاد يكون كامل الا ما خلا بعض الانشطة المحلية التي تهتم بتسيير الامور العامة و الخاصة لمواطني البلدان(1).

وفي ذات الوقت نتج عن ذلك صدمة اقتصادية، تمثلت في الانخفاض الحاد في أسعار النفط بسبب الإجراءات المتبعة للحد من تفشي الوباء و انتقاله الى العديد من دول العالم، و تباطؤ النشاط الاقتصادي، الى جانب الخلاف بين السعودية و روسيا، لتشهد أسواق النفط سقوطا للأسعار بما يزيد عن 50% ، ليتراوح بين 30-38 دولار، مما انعكس سلبا على أوضاع البلدان المصدرة للنفط.

ويوضح الجدول (1) مقارنة لأسعار النفط خلال الربع الأول من عام 2018 و 2019 و 2020.

ان بدء استخدام لقاح لجائحة كورونا "بعد التوصل اليه حديثا" و انتشاره على مستوى العالم، ولد توقعات تفاؤلية و هو الامر الذي سيؤدي الي رجوع الحياة مرة اخرى الى الاسواق العلمية و العودة تدريجيا الى طبيعتها السابقة، مستظلا بتعافي التنقل بين بلدان العام بمختلف الاليات جوا و بحرا و برا، و سيؤدى ذلك الى عودة وتيرة النمو الاقتصادي الى سابق عهدها قبل الجائحة.

القت التوقعات المتفائلة بعد العمل بلقاح كورونا و استعادة النشاط العالمي تحركاته و بدء المستثمرين بالتحرك لتنشيط استثماراتهم، القت هذه الاحداث بضلالها على اسعار النفط اذ عادت الى الارتفاع التدريجي مدفوعة بزيادة الطلب العلمي على النفط بفعل عودة اغلب البلدان الى مزاولة نشاطها الصناعي و التجاري من جهة و خفض دول اوبك للإنتاج من جهة اخرى.

و بسبب هذه التطورات الأخيرة استمر التعافي في أسعار النفط الخام في الربع الأول من عام 2021، بزيادة قدرها 36 في المائة (ربع سنوي)، مما رفع الأسعار فوق مستوى ما قبل الوباء، فقد تجاوزت سرعة الانتعاش في أسعار النفط سرعة أي حلقة أخرى مسجلة، استجابت الأسعار للثبات التدريجي في الطلب على النفط و تحسن التفاؤل بشأن التعافي العالمي، فضلا عن استمرار ضبط الإنتاج من قبل أوبك و شركائها (أوبك +).

وصل سعر خام برنت لفترة وجيزة إلى 70 دولارا للبرميل في أوائل مارس بعد أن أعلنت أوبك + أنها ستمدد تخفيضات الإنتاج حتى أبريل(2).

ويوضح الشكل البياني (1) اسعار النفط للأربع الاول للأعوام 2018-2021.