مدى الاعتداد بإرادة المريض في الأعمال الطبية

Abstract AR

- يعد رضا المريض بالخضوع للعلاج أساسا لممارسة أي تدخل طبي على جسده, فلا يمكن للطبيب إجبار مريض على الخضوع للعلاج حتى لو كان هذا العلاج يصب في مصلحة ذلك المريض, لا بل حتى و لو كان ذلك العلاج سينقذه من هلاك محقق, فاحترام إرادة الإنسان و حريته و كرامته إضافة إلى أخلاقيات مهنة الطب من الأسباب التي تحول دون السماح بإغفال و تجاوز قبول المريض بالعلاج المقدم له.

و إذا ما سبق ذكره يعد بمثابة الأصل في ممارسة الأعمال الطبية, إلا أن هذا الأصل يمكن الخروج منه استثناء في بعض الحالات, إذ تستدعي بعض الحالات المرضية إخضاع المريض للعلاج جبرا و دون الحصول على موافقته, غير أن هذه الحالات محددة حصرا و تتطلب توافر ظروف و شروط معينة.

و قد حاولت هذه الدراسة البحث في مدى و صورة الموافقة أو الرفض للعلاج من قبل المريض في مختلف الحالات, الاعتيادية منها و الاستثنائية, حيث تم تسليط الضوء في هذه الحالات كلها على التزام الطبيب المتعلق بضرورة تبصير المريض بحالته الصحية و ما تطلبه من علاج إضافة إلى ما قد يرافق ذلك من آثار أو مضاعفات.

و قد أظهرت نتائج الدراسة أنه يمكن للطبيب الاكتفاء بالرضاء الضمني في التدخلات الطبية البسيطة على خلاف التدخلات الطبية الكبيرة التي تتطلب رضاء صريحا من المريض بالعمل الطبي كما أنه لا يكفي الحصول على رضا المريض بالعلاج عند البدء في العلاج فقط, بل الأمر يتطلب الحصول على رضاه عند اتخاذ الطبيب قراره بالانتقال إلى مرحلة أخرى من العلاج و لا بد أن يكون المريض قد تم تبصيره بالعلاج و مراحله و تأثيراته و مضاعفاته و بدائله إن وجد و يجوز استثناء علاج المريض دون الحصول على موافقته في حالة الضرورة العلاجية كما يجوز العلاج رغما عنه في حالات مواجهة الأمراض التي تهدد صحة المجتمع غير أن هذا لا يعفي الطبيب نهائيا من الالتزام بتبصير المريض, و يحق للمريض رفض الخضوع للعلاج و يجب على الطبيب احترام هذه الإرادة و العمل على تبصيره بحالته الصحية و الآثار المترتبة على رفضه للعلاج و العمل على تخفيف الأضرار الناتجة عن رفض العلاج.

و أخيرا يستحق المريض تعويضا عن الأضرار اللاحقة به جراء عدم الحصول على رضائه للعلاج, و الأمر أيضا ينطبق بحالة تجاوز الطبيب لرفض العلاج و ذلك استنادا للأحكام المسؤولية التقصيرية أو العقدية كما قد يترتب عن ذلك أيضا انعقاد مسؤولية الطبيب الجنائية و التأدبية.

و قد أوصى البحث بضرورة النص صراحة على الحصول على رضاء المريض كتابة في حالات التدخلات الطبية الكبرى, كما أوصى البحث بضرورة إلزام الطبيب بتبصير المريض بالحاجة للعلاج و بيان ماهية العلاج و مراحله و المواد المستخدمة فيه و تأثيراتها و مضاعفاتها و البدائل المتاحة و الحصول على توقيعه في حالة رفض العلاج.