دور الصحف المطبوعة في تنمية الوعي بقضايا الفساد في المجتمع المصري : دراسة ميدانية علي عينة من الجمهور العام بمحافظة القاهرة

Abstract AR

مشكلة البحث:
لذا تتضح مشكلة الدراسة في التعرف على دور الصحف المصرية المطبوعة في إمداد الجمهور العام بالمعلومات الكافية لتنمية و عيه بأهم قضايا الفساد بالمجتمع المصري خاصة في ظل التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام التقليدية و تحديدا الصحف المطبوعة نظرا لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

و ذلك من خلال توظيف و اختبار فروض نظرية الاعتماد بالتطبيق على عينة عمدية متاحة من قراء الصحف المصرية المطبوعة بمحافظة القاهرة في الفترة من يناير إلى يونية 2018.

خلصت الدراسة السابقة إلى مجموعة من النتائج كما أن اختبار الفروض أوضح العديد من الدلالات و ذلك كما يلي: -
- أظهرت الدراسة الحالية و بعض الدراسات السابقة تفوق المراحل العمرية الأصغر لمتابعة قراءة الصحف المطبوعة في حين انخفضت نسبة المراحل العمرية الأكبر وقد يرجع ذلك في رأي الباحثة إلى بداية ظاهرة جديدة من استبدال كبار السن عن عادة قراءة و مطالعة الصحف المطبوعة بمتابعة شبكات التواصل الاجتماعي بكل قنواتها.

فقد وصل عدد مستخدمي موقع الفيس بوك في الوطن العربي إلى 2.4 مليار مستخدم شهريا بمعدل 1.6 مليار يوميا و بحد أدنى 58 دقيقة في اليوم و تأتي مصر في الترتيب الثاني في الاستخدام بعد المملكة العربية السعودية التي تأتي في المرتبة الأولى في حين تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في الترتيب الثالث و ذلك وفقا لتقرير موقع Dimofinf لدراسات التسويق لعام 2020.

كما قد يرجع تفوق الفئات العمرية الأصغر في قراءة الصحف نظرا لاعتماد معظم الدراسات على طلبة الجامعة و خاصة دارسي الإعلام لذا فنسبة كبيرة منهم تهتم بمطالعة الصحف لارتباطها بطبيعة دراستهم.

- أظهرت النتائج تفضيل أفراد عينة الدراسة للاعتماد علي الصحف الخاصة أكثر من نظيرتها القومية و الحزبية لمطالعة قضايا الفساد و تكوين خلفيتهم المعرفية عنها حيث جاء في سباب اعتمادهم عليها سعيها لكشف الفساد بالمجتمع و سرعتها في تحقيق السبق.

و بالنظر لنتائج الدراسات السابقة ما يزال هناك تأرجح في كفة كل منهما فنجد تفوقا لصالح الصحف القومية في بعض الأحيان و لصالح الصحف الخاصة أحيانا أخري إلا أن الواقع يؤكد أن الصحف الخاصة تفوقت على الصحف القومية في تفضيلات القراء خاصة عند الحديث عن القضايا الشائكة مثل قضايا الفسادـوقد يرجع ذلك إلى ما جاء بالمسودة النهائية للتقرير السنوي الثاني الصادر عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حيث سياسات التحرير التي تنتهجها الصحف القومية تنصب على منافسة المواقع الإخبارية الإلكترونية وهى سياسة خاسرة تحتاج لتعديل لتعود الصحف منبرا للرأي و التحليل الإخباري و الإنفرادات الصحفية كما تحتاج إلى تطوير في المطبوعات ذاتها سواء في الشكل أو في المضمون لمعالجة ضعف المحتوى و ضعف المنافسة مؤكدا أن الصحف لاتزال تتحدى لزيادة نسبة التأثير في الرأي العام بزيادة الاحترافية.

- أوضح معظم أفراد العينة وفقا لمقياس الوعي بأهم مجالات الفساد بالمجتمع أن الفساد الإعلامي جاء في مقدمة مجالات الفساد بالمجتمع كما أن الفساد القضائي جاء كأبرز المجالات عند سؤالهم عن ترتيب مجالات الفساد بالمجتمع و تختلف هذه النتيجة مع نتائج الدراسات السابقة التي تناولت تحليل مضمون معظم الصحف المصرية المطبوعة على اختلاف توجهاتها و التي كانت آخرها دراسة (غادة موسي- 2011) حيث أكدت كل الدراسات السابقة على تصدر مجال الفساد المالي و الإداري متمثلا في إهدار المال العام.

وتري الباحثة أن هذه النتيجة قد ترجع إلى طبيعة المرحلة التاريخية فالدراسات السابقة سبقت أحداث ثورة 25 يناير 2011 حيث ظلت مبادئ الحزب الوطني و منذ عام 1984 كما هي لم تتغير على الرغم من تضاعف قضايا الفساد المؤسسي في مصر و ظل التوجه الأيديولوجي الرئيسي للصحف القومية الرسمية لسان حال حكومة الحزب الوطني عدم التعمق في تناول قضايا الفساد التي يمكن أن تدفع لإثارة الرأي العام تجاه الحكومة و التأكيد على استقرار المجتمع و نزاهة الحكومة وأن صحف المعارضة هي التي تروج الشائعات حول فساد المسئولين و تفتعل القضايا الوهمية و الأكاذيب و الأخبار الملفقة.

في حين نجد أن أحداث ثورة 25 يناير و ما تبعها من تولي حزب الإخوان المسلمين للسلطة ثم أحداث 30 يونيه و استقرار الدولة المصرية مرة أخري أربع سنوات توالت بها الكثير من الأحداث فكانت سببا رئيسيا في تغيير الكثير من المفاهيم لدي فئات الجمهور على اختلافها و منها مفهوم الفساد و أسبابه و مجالاته.

- وفيما يتعلق بتصدر مجال الفساد الإعلامي لمجالات الفساد بالدراسة الحالية فإن النظرة العابرة و المتأنية لإعلامنا الوطني تؤكد ما يعانيه من مشكلات و تحديات سواء على مستوي التخطيط أو التنفيذ أو المتابعة أو الرقابة كما أن الأداء العام في مجمله يتسم بالقصور و الضعف و التردي فمعظم الدراسات تؤكد حقيقة عجز الإعلام المصري بمختلف أدواته في القيام بمسئوليته المجتمعية خلال تلك الفترة بل وأنه يقوم في الأغلب بدور سلبي أثناء معالجته للأزمات بل و يعمل كأداة في تأجج الأزمة.

كما أكدت دراسة (ثريا البدوي – 2011) عدم قيام الإعلام بتحري الدقة والموضوعية و الشفافية في نقل الأخبار و المعلومات المتعلقة بالأزمات الأمر الذي يشير إلى عدم قدرة الإعلام على تحقيق التوزان في التغطية.

كما أكدت المسودة النهائية للتقرير السنوي الثاني الصادر عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تحت عنوان: "حالة الإعلام في مصر 2019" و الذى جاء فيه أن الإعلام المصري يمر حاليا بمرحلة انتقالية بين حالة الفوضى التي ضربت أدواته و مؤسساته منذ 2011 و حتى 2017 و بين مرحلة الاحترافية التي يحاول الوصول إليها رغم العقبات التي تعترض طريقه.