التعليم عند العرب في العصر الجاهلي الثاني

Abstract AR

درس الباحث في صفحات السابقة التعليم في جزيرة العرب في العصر الجاهلي الثاني ، هذه الجزيرة بموقعها المتميز والتي شكلت جسراً ومعبر للاتصال الحضاري والثقافي والتجاري بين الشرق والغرب ، ففيها وعبرها كان التمازج الشديد بين المدنيات والحضارات المختلفة .

ولقد اشتملت جزيرة العرب في ذلك العصر على عدد من الوحدات السياسية من اهمها اليمن ، ودولة الحيرة ودولة الغساسنة ،ومكة المكرمة والطائف وعمان ويثرب ( المدينة المنورة ).

وقد كان العرب في العصر الجاهلي قسمين :أهل وبر وباد\ية ، أهل مدر وحاضرة ، وتلك القبائل سواء سكنت الحواضر أو سكنت البوادي لم تكن طبقة واحدة وإنما هي ثلاث طبقات اجتماعية هي أبناء القبيلة الأحرار والموالي والعبيد ، وكانت الامتيازات من حق الطبقة الاولى وخاصة لمشايخها وسادتها .

أما الطبقتين الأخيرتين فأقل درجة ، وخاصة الثالثة التي كانت تعاني من مرارة الاضطهاد والظلم .

ورغم ماساد المجتمع العربي في تلك الفترة من جهل وعدم استقرار وكثرة الحروب ، فقد كانت فيهم من الأخلاق الفاضلة المحمودة ما يروع الإنسان ويفضي به إلى الدهشة والعجب وقد عرف العهد الجاهلي بالعهد الوثني عهد الشرك وعبادة الأصنام من دون الله ، فقد كان الشرك أكبر مظهر من مظاهر دين أهل الجاهلية وغلى جانب ذلك فقد كانت هناك اليهودية والنصرانية والمجوسية ، كما وجدت فئة مستنيرة في تلك الفترة تدعو الى الحنيفية وتنشد الدين القويم .

وتين من الدراسه مدى انتشار القراءة والكتابة بين العرب الجاهليين أنها فقد كانت منتشرة بينهم واستخدموها في معاملاتهم وأنها كانت أكثر انتشاراً في البيئات الحضرية لحاجتهم الشديدة إليها سواء باللغة العربية أو اللغات المختلفة التي كان يتكلمها الشعوب التي كانت تتعامل معها العرب .

وبالنسبة لانتشار القراءة والكتابة بين النساء فتدل الشواهد القليلة معرفة بعض النساء لها خاصة نساء الطبقة الميسورة بمكة المكرمة والحيرة وفي بلاط الغساسنة اللاتي اشتهر بالأدب والفصاحة وقول الشعر والخطابة وببناء المؤسسات الدينية .

بالنسبة للأهداف التعليمية في العصر الجاهلي نلاحظ أن هناك اختلافاً في أهداف التعليم بين الفئات المختلفه في هذا المجتمع ، وإن كانوا يتفقون على هدف إعداد الفرد القوي الشجاع المتسم بمكارم الأخلاق .

فأهل البادية كان من أهم أهدافهم التعليمية إعداد وتربية الفرد المقاتل الشجاع والخطيب والشاعر للدفاع عن قبيلة ضد الأعداء والعيش في تلك البيئة القاسية .

أما في الحواضر فنتيجة للاستقرار النسبي ، نجد أن اهتمامهم تركز على تعليم أبنائهم الحرف التي تمكنهم من كسب عيشهم ،أما سادة القوم ،فكان من أهم أهداف التعليم عندهم هو إعداد أبنائهم وتعليمهم الفصاحة والخطابة والفروسية ، لتمكينهم من قيادة مجتمعاتهم والتحدث عنها أمام القبائل ، التي كانت تحترم هذه الصفات ،واهتم أهل الكتاب بأعداد أبنائهم لاكتساب حرف تمكنهم من العيش ،لإضافة إلى تعليمهم أمور شريعتهم وكذلك تعددت المؤسسات التعليمية واختلفت تبعاً لتطور الحياة في ذلك المجتمع ، فالبادية كانت مؤسسات التعليم فيها هي الأسرة والقبيلة بالإضافة إلى دور الأسواق التي كانت تقام في مواسم مختلفة في أنحاء الجزيرة .

أما في الحواضر ، فقد وجدت العديد من المؤسسات التعليمية نتيجة لتطور الحياة فيها ، ومن هذه المؤسسات الكتاتيب والأندية الثقافية والمدارس والبيع ، وكذلك ورش وامكنة العمل وقصور امراء وملوك الحيرة والغساسنة واليمن وعمان التي كانت لها دور كبير في تشجيع الخطباء والشعراء .

وقد استخدم العرب أدوات مختلفة للكتابة كالجلود والخشب والعظام والحجارة والقماش المصنوع من الحرير والقطن والورق ولم يتركوا أداة يمكنهم الكتابة عليها أو بها إلا استخدموها مما يدل على شيوع الكتابة بينهم ، واستخدامهم لها ، علماً أن من يحسن الكتابة في هذا المجتمع كان ينظر باحترام وتقدير .