التسامح السياسي للشباب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي : دراسة ميدانية

Abstract AR

في ظل تطور التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي و تزايد القاعدة الشعبية و الجماهيرية المستخدمة لهذه الوسائل زادت الفرصة أمام الجمهور للتعبير عن آرائه ومواقفه و اتجاهاته و التفاعل مع محيطه السياسي و الاجتماعي و تنوعت بيئات الاتصال مما انعكس على تنوع و تعدد الأفكار و العقائد و التوجهات ولاسيما التوجهات السياسية.

وفي إطار مجتمع حافل بالتعددية و كذلك بالصراعات السياسية و الفكرية يصبح التسامح السياسي ضرورة وطنية إن لم تكن حياتية كي يظل المجتمع قائما و متوازنا و تعتبر المناقشات الحرة و المفتوحة للخلافات السياسية و الاستعداد للحوار السلمي مع جميع الأيديولوجيات هى أساس قيام الديمقراطية في المجتمعات الإنسانية.

يعد التسامح السياسي "Political Tolerance" و قبول الحق في الاختلاف من المفاهيم ذات المسيرة التاريخية الطويلة و التي تتجاوز الخمسة قرون وقد تطور المفهوم و اتسع نطاقه و أصبح يحتل مكانا بارزا في مواثيق حقوق الإنسان الدولية خاصة السياسية و الثقافية ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 تم التأكيد على حق التمتع بكافة الحقوق و الحريات الواردة في الإعلان دون تمييز من حيث العنصر أو اللون أو اللغة أو الرأي السياسيكما قامت اليونسكو بإصدار إعلان التسامح في عام 1995⁽¹⁾ و الذي تم التأكيد من خلاله على أن التسامح هو احترام و إقرار التنوع و هو ليس واجبا أخلاقيا و لكنه متطلبا سياسيا و قانونيا.

و يفترض التسامح وجود تنوع و تعدد في المجتمع أيا كانت طبيعته هذا التنوع يمكن ترجمته في صورة آراء و ممارسات و تركز معظم الكتابات النظرية حول التسامح السياسي على حق المواطنين في مجتمع ديمقراطي، و قبول الجماعات صاحبة الأفكار المعارضة، و الاستعداد لمنح هذه الجماعات نفس فرص الوصول إلى ممارسة السياسة بشكل قانوني وبدون عنف.

شهدت السنوات الأخيرة في مصر أحداثا و تطورات سريعة و متلاحقة برزت من خلالها العديد من المشكلات وفقا للصراعات و الأزمات المختلفة التي مر بها المجتمع المصري أثناء مرحلة التحول الديمقراطي يتجلى ذلك في غياب الدور الفعال لمؤسسات المجتمع المدني و الغياب النسبي للتسامح السياسي في خطاب الأحزاب السياسية و سادت الحياة السياسية في مصر في أعقاب ذلك حالة من الاستقطاب الحاد بين التيار الإسلامي و التيار المعارض كان من أهم مظاهرها "التعصب السياسي"و"سياسة التخوين "التي انتشرت داخل المجتمع.

فهل يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها مصدرا رئيسيا للمعلومات -كما أثبتت العديد من الدراسات- في أي مجتمع أن تقوم بدور هام في التأثير على زيادة أو تناقص مستويات التسامح السياسي بصور مختلفة.

وهل يؤثر الوقت الذي يقضيه الأفراد في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على مستويات التسامح السياسي لديهم.

هل تقدم الرسائل الإعلامية ( المحتوي ) في هذه المواقع وجهات النظر المختلفة بطريقة محايدة.

هل تساهم هذه المواقع في نشر معلومات صحيحة وغير منحازه عن الآخر.

كل هذه التساؤلات تدفعنا بالضرورة لدراسة العلاقة بين استخدام الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي و التسامح السياسي مع مراعاة الخلفية الاجتماعية و المتغيرات السياسية و النفسية المؤسسة لمفهوم التسامح السياسي.