متطلبات تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في إصلاح التعليم قبل الجامعي بالعراق

Abstract AR

يعد التعليم مطلبا أساسيا من متطلبات التنمية فضلا عن كونه المحرك الرئيسي في تطور الأمة و بناء الحضارات الذي لا يتم إلا بناء الفرد و تثقيفه لذا اقترن التعليم في جميع الإعلانات و المواثيق و الاتفاقيات الدولية بحقوق الإنسان.

و على الرغم من أن العراق في فترة ما قبل حرب الخليج الثانية عام 1991م كانت تملك نظاما تعليميا يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة حيث كانت نسبة القادرين على القراءة و الكتابة عالية وكادت الحكومة أن تقضى على الأمية تماما من خلال إنشاء حملات محاربة الأمية إلا أنه و مع تردى الأوضاع الأمنية نتيجة ما تعرض له العراق من حروب و حصار عانى التعليم الكثير من المشكلات حيث صارت الأفكار الهدامة و التفرقة المذهبية (حمزة 2011 76) فبدلا من أن يعيش التلاميذ في بيئة آمنة يعمها السلام و الأمان أصبح التلاميذ يعيشون مخاوف كثيرة حتى أثناء وجودهم في المدارس أو ذهابهم إليها هذا إلى جانب ضعف كفاءة الإدارات المدرسية و افتقار المدارس إلى المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها لتقديم مستوى تعليمي جيد و منها الازدحام الشديد في الصفوف و انخفاض جودة مستوى الإضاءة و درجة الحرارة ووضيعة الأثاث المستخدم في غرفة الصف و التي تكون في كثير من الأحيان غير مريحة أو مقاعد مكسورة ناهيك عما تعانيه أغلب المدارس من تحطيم النوافذ و الأبواب بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية وقلة توفير المستلزمات الدراسية و منها الكتب و القرطاسية.

(البطرى 2010 41)وقد أفرزت المرحلة السياسية في العراق مفاهيم جديدة لم تكن مألوفة عمليا في الإطار الفكري و السياسي العراقي من قبيل (الديمقراطية الانتخابات التعددية الفدرالية حقوق الإنسان المجتمع المدني الرقابة الديمقراطية على الأمن.

.

.

الخ) وقد شكل كل مفهوم من هذه المفاهيم محطة فكرية تستحق التوقف و التأمل عندها كثيرا لقياس دورها ووظيفتها في بناء أو إعادة بناء الدولة على أسس وطنية ديمقراطية مناسبة في ظل فوضى عارمة و خطيرة في تحديد المفاهيم و الشركاء الفاعلين في الساحة السياسية لتنفيذ برامج التغيير و البناء مع وجود تدخل أجنبي مباشر وغير مباشر من داخل و خارج العراق و ثقافات متناقضة و محيط إقليمي و بيئة دولية تتصادم فيها المصالح و الأهداف و من بين كل هذه التعقيدات نلاحظ حالة المخاض العسير لبناء الدولة التي يجب أن تكون قوية من أجل المواطن و ليس ضده دولة تدافع و تحامي عن حقوق المواطن و ليس دولة تتفنن في انتهاك هذه الحقوق يسخر فيها القانون لخدمة أفراد السلطة.

(الياسري 2009 13)فالمجتمع المدني في العراق ضرورة قصوى فهو يساعد على امتصاص التوترات الناجمة عن الاختلافات العرقية و الدينية و الطائفية و الحزبية وغيرها وذلك من خلال تركيزه على مبدأ المواطنة حيث تكون علاقة الفرد مع غيره من الأفراد و الجماعات و حتى علاقة جماعة ما بغيرها على أساس الانتماء لوطن واحد و ليس لأي من الاعتبارات أو الانتماءات الثانوية أو الخاصة الأخرى و على أساس التساوي في الحقوق والواجبات و الفرص وفي الخضوع للقانون و الامتثال لأحكامه و حيث يكون الفرد مواطنا له حق التعبير عن إرادته بحرية و المحاسبة على انتهاكها و ليس مجرد تابع مسلوب الإرادة لشخص أو جماعة أو فئة.

(رشوان، 2008، 86)إن المجتمع المدني يشكل رأس مال المجتمع و مناخ جد ملائم للتنمية، وأن قوة المجتمع الاقتصادية مرتبطة بقوة المجتمع المدني، وأن منظمات المجتمع المدني تعطي أعضاءها مجموعة كبيرة من المهارات وشبكة واسعة من الاتصالات تتيح لهم فرص عديدة لبدء المشاريع الاقتصادية، و مواجهة العوائق.

خاصة في ظل ما تواجهه المنظومة التعليمية بكافة أطرافها من العديد من التحديات أخطرها ما يعرف بظاهرة العولمة و التي تحمل في مضامينها تهديدا كبيرا لكل المجتمعات و هذا التهديد شمل كل من الدول المتقدمة و النامية من خلال التأثير في مقومات المواطنة و الولاء عند أفرادها.

فقضية إصلاح التعليم كانت و لازالت إحدى المحاور الهامة التي تضمنتها وثيقة الأهداف الإنمائية للألفية و أصبحت تلك القضية مؤشرا لقياس مدى التقدم الذي تحرزه العراق في طريق الأصل.