التفاعل بين استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات و أنماط التعلم و التفكير في تدريس مقرر علم النفس لتنمية عمليات العلم و الاتجاه لدى طلاب المرحلة الثانوية التجارية

Abstract AR

لقد من الله تعالى على الإنسان بنعمة التفكير و التدبر وميزه به عن غيره من المخلوقات.

فالتفكير له دور كبير في حياة الإنسان فهو الذي يساعده علي توجيه حياته كما يساعده في حل المشكلات التي تواجهه و تجنب الكثير من الأخطاء.

و من هنا فإن تنمية التفكير أمرا ضروريا لمساعدة الإنسان على التطوير في أنشطته العقلية و تحقيق أهدافه باستخدام خطوات علمية سليمة.

و تهدف رسالة وزارة التربية و التعليم في مصر إلى تطوير نظام تربوي يقوم علي التميز و يعتمد على موارده البشرية و يستند على معايير اجتماعية بما يسهم في تقدم الدولة في عصر الاقتصاد المعرفي العالمي كما تؤكد الوزارة علي ضرورة تعليم و تعلم التفكير من أجل التفكير و الذي ينمي لدى المتعلمين الحساسية للمشكلات و تحديدها وتوليد أكبر عدد ممكن من الأفكار و البدائل المتنوعة (وزارة التربية و التعليم 2003).

و بالنظر إلى طبيعة طلاب المرحلة الثانوية الفنية التجارية نجدهم يمرون بالمرحلة العمرية التي تبدأ فيها العمليات العقلية المعقدة في النمو كما يبدأ فيها تكوين اتجاهاتهم الفكرية ومواقفهم تجاه القضايا و المشكلات المجتمعية و تتبلور فيها مهارات التفكير المختلفة ( بيومي 2004 6).

و بالنظر إلى أهداف التعليم الثانوي الفني التجاري نجدها تتضمن: - اكتساب الطلاب ثقافة عامة تساعدهم علي حل المشكلات التي تقابلهم في حياتهم العامة.

- اكتساب الطلاب الثقافة التي تنمي لديهم القدرة علي إصدار الأحكام البناءة في المواقف المختلفة تحليلا لتلك الأهداف نجد أن التعليم الفني التجاري يسعي إلى تهيئة الطلاب للحياة العملية من خلال تزويدهم بالمهارات و المعلومات و العادات السلوكية التي يحتاجون إليها في الواقع العملي و إكسابهم القدرة علي التفكير العلمي وحل المشكلات و التعليم المستمر و تحمل المسئولية.

و لن يتحقق ذلك إلا من خلال مقررات دراسية تهدف إلى توجيه الطلاب إلى التفكير المستمر و تنمية عمليات العلم لديهم و التي تمكنهم من استخدام الأسلوب العلمي في مواجهة الحياة وحل مشاكلها.

و لقد أكدت العديد من الدراسات ضرورة الاهتمام بعمليات العلم مثل دراسة الجندي (2005) مختار ( 2008) الربضي (2009) و قطيط (2009) صبري (2014) عبد العزيز (2016).

و ذكر أبو جحجوح (2008 29) أهمية عمليات العلم إذ أنها تكسب الطلاب اتجاهات علمية إيجابية كحب الاستطلاع و تنمي لديهم مهارات التفكير العلمي و ترفع من قدراتهم علي التعلم الذاتي و تزيد دافعيتهم للتعلم و تساعدهم علي الاحتفاظ بالمعلومة المتعلمة مدة أطول مما ينعكس علي ثقة المتعلم بنفسه.

و إذا كانت جميع الدراسات السابقة تؤكد على أهمية تضمين عمليات العلم و إكسابها للطلاب في جميع المقررات الدراسية فإن مقرر علم النفس يعتبر أحد المقررات التي ترتبط بمهارات التفكير و عمليات العلم لما يعرضه من مشكلات نفسية و اجتماعية تحتاج إلي تأمل و تحليل و فهم و تقييم و إدراك العلاقات و استقراء و استنتاج حتى يصل إلى حلول لتلك المشكلات.

و يذكر زيدان (2010 ) أن منهج علم النفس من المناهج التي يمكن استثمارها في تنمية التفكير.

حيث يسعي مقرر علم النفس إلى تزويد الطلاب بقدر وافر من الخبرات الاجتماعية و النفسية التي تمكنهم من تحليل الواقع المحيط بهم و فهمه و تقديم العديد من المشكلات الإنسانية و الاجتماعية التي تعطي للطلاب الفرصة في التفكير في الحلول غير التقليدية لحل هذه المشكلات المحيطة بهم.

و لتحقيق تلك الأهداف يحتاج تدريس مقرر علم النفس إلى استراتيجيات و طرائق تدريس يكون فيها المعلم موجها و يكون المتعلم فيها مشاركا نشطا و فعالا في عملية التعلم يتمكن من ممارسة عمليات العلم المختلفة و اكتساب السلوكيات الإيجابية مثل الاعتماد علي الذات و الثقة بالنفس و بث روح التنافس و التعاون فيما بينهم.

وقد أوضح كل من أبو لبدة ( 2009) و زيتون (2002) أن أفضل أنواع التعلم هو الذي يتم من خلال المهام و المشكلات على أن تكون تلك المشكلات واقعية مأخوذة من بيئة الطالب و ذات ضرورة ملحة و دلالة و معنى بالنسبة له حتى يدفعه ذلك إلى حلها و الاستفادة منها لحل مشكلات قد تواجهه في مواقف حياتية جديدة.

لذلك يسعي البحث الحالي إلى تنمية عمليات العلم لدي طلاب الصف الثالث الثانوي الفني التجاري باستخدام استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات.

و إستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات هي إحدى تطبيقات أفكار النظرية البنائية في التدريس و يتم من خلالها تغيير صورة المحتوى التعليمي أو الكتب التي بين أيدي الطلاب إلى مادة تعليمية في صورة مشكلات لا يجاب عنها في كتب المتعلم و إنما في دليل المعلم و هذا يجعل المتعلم يفكر في حل تلك المشكلات.

و لقد بدأ الاهتمام بهذه الإستراتيجية منذ تسعينات القرن العشرين و أشار كثير من الباحثين إلى أهميتها من خلال الدراسات التى حاولت استقصاء فعاليتها حيث توصلت هذه الدراسات إلى أن الطلاب الذين درسوا بها أحرزوا تعلما أفضـل مقارنة بالطلاب الذين درسوا بالـطريقة التقليدية Bordbeer، 2016 ) ) Torp & sage، 2012 ) ).

و على الرغم من أهمية التدريس للطلاب باستخدام إستراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات لأنها تواجههم بالمشكلات و تمنحهم الفرصة لحلها إلا أن هناك ندرة في الدراسات العربية التى استخدمتها في مجال تدريس علم نفس (علي سبيل المثال دراسة عثمان 2015).

و إذا كانت عملية التعلم تحدث نتيجة" التفاعل بين مدخلات بيئة التعلم بما يحتويه من محتوى منهج و إستراتيجية تدريس و معلم ووسائل و أنشطة من ناحية و بين استعدادات الطلاب و قدراتهم العقلية وسماتهم الشخصية من ناحية أخرى فان شاهين (2011 852) يؤكدان أن استخدام طريقة أو استراتيجية معينة للتدريس لا يعنى بالضرورة أنها مناسبة لجميع الطلاب فقد تكون مناسبة للبعض منهم وغير مناسبة للبعض الأخر و لهذا فإنه من الضروري محاولة المطابقة بقدر الإمكان بين استعدادات الطلاب و المعالجات التدريسية.

وقد أكدت العديد من الدراسات، و الأدبيات أن لكل متعلم نمطه الخاص في التعلم و الذي يختلف به عن الآخرين في استقبال المعلومات و معالجتها و الاحتفاظ بها، بالإضافة أنها أجمعت على أنه يجب مراعاة هذه الأنماط في العملية التعليمية لتحقيق أفضل النتائج، (Sywelem & Dahawy، 2010) كما أن تعدد الأنماط التعلم و التفكير يقتضي إتباع نماذج تعليمية متنوعة لتحقيق التواصل مع المتعلمين" (طوافحة و الزغلول 2009 277) و تطوير استراتيجيات للتعامل مع أنماط التعلم يزيد من تعلم الطلاب بفاعلية (كاظم و خوله 2004) و الاتجاه السائد الآن هو البحث عن توفير بيئات تعليمية تسهم في تحرير الطاقة الكامنة للدماغ و العمل و التفكير في الموضوع الواحد بأكثر من طريقة Lane، 2012، 26)).

لذلك يحاول البحث الحالي تدريس وحدة دراسية من مقرر علم النفس وفق أنماط التعلم و التفكير لطلاب الصف الثالث الثانوي التجاري باستخدام استراتيجية التعلم المتمركز حول المشكلات لتنمية عمليات العلم لديهم و اتجاههم نحو مقرر علم النفس.