النص التشريعي بين التفسير و التطبيق و أثره في تحقيق الأمن الفكري و السلام الاجتماعي : نحو أنموذج معرفي إسلامي

Abstract AR

حاولت في هذا البحث تقديم أنموذج معرفي إسلامي، ينطلق من تفسير النص التشريعي و تطبيقه، ذلك النص الذي هو الأصل الذي ترجع إليه المجتمعات في المعاش و المعاد، و هو منطلق بناء الحضارات، و هو مناط الاعتصام، و حبل الله المتين، بعد أن غدت ساحة البحث في النص التشريعي من حيث تفسيره و تطبيقه، تشهد في زماننا هذا محاولة غايتها قطع الصلة بين النص و الناص جل و علا، بل العكوف على رسم الحروب التي هي وسيلة و ليست غاية لتفسير النص، و استنطاق المعاني منه على وفق هوى المخاطب، دون التقيد بمراد الشارع، أو الالتزام بما أودعه فيه من مقاصد، و من ثم أرى هذا البحث-إن شاء الله-يسهم في الدفاع عن الدين، و الرد على شبهات المضللين، و الوقوف على قاعدة التفكير لمواجهة مشكلة فهم النصوص، فإن سوء الفهم عن الله و رسوله أصل كل بدعة و ضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كل خطأ في الأصول و الفروع، و ما اتهم أحد دليلا للدين، إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن، المأفون في عقله و ذهنه، فالآفة من الذهن العليل، لا في نفس الدليل٠ و أدعي في البحث بيان التآلف بين الإيمان و مقتضيات الزمان، و أثر ذلك على الفكر الإنساني، بواسطة علم أصول الفقه ؛ ذلك العلم الذي يمثل أفضل منهج اخترعته العقول الإسلامية للتعامل مع نصوص الوحي الإلهي، و هو منهج خالد ؛ لأنه يستمد ينبوعه و مادته من نصوص الوحي، و من لغة القرآن، و هو الأمل الذي كفل له البقاء و ضمن له النقاء.

و لذا وصف بأنه : علم يظهر عبقرية العقول المبدعة التي عرفت كيف تصنع المنهج الصحيح لإدراك الغاية، و لأهميته التشريعية في تفسير النصوص الشرعية و الوضعية ترجم إلى اللغة الإنجليزية، و غدا يدرس اليوم في الجامعات الغربية ؛ كجامعة هارفارد في أميركا.

و أغلب ظني أن البحث يسهم في تقديم منهج متكامل لفهم نصوص الشريعة و بيانها ؛ حيث تحدد للنصوص و الألفاظ دلالاتها، و قواعد إناطة الجزئيات بالكليات، كقاعدة : حمل المطلق على المقيد، و قد أغفلت طائفة من الناس هذه القاعدة الأصولية المبينة لنصوص الشريعة ؛ فتعارضت عندهم النصوص من غير موجب للتعارض!! و من هنا برزت أهمية الموضوع في كونه -حسب ظني-قراءة غائية تتحرك مع النصوص و روحها، و تستخدمها وعاءا أوسع من بنيتها اللغوية، مستهدفة بها حضور التشريع أمر ونهيا في كل جوانب الحياة ؛ حيث لا تخلو نازلة عن حكم، و لا يتسرب واقع مهما كانت جزئياته لا متناهية، و عليه فالبحث تغيا أمورا، أهمها : تمكين علم أصول الفقه من الاستجابة للمشكلات و الإشكالات المنهجية و الفقهية و الفكرية، التي تواجهها المجتمعات.